عقد مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني محاضرة عامة يوم الخميس 28 آذار/ مارس، تحت عنوان "الأونروا بعد ستة أشهر من الحرب في غزة"، حاضرَ فيها البروفيسور ريكاردو بوكو، الأستاذ الفخري لعلم الاجتماع السياسي بقسم الأنثروبولوجيا والاجتماع في معهد جنيف للدراسات العليا (IHEID)، سويسرا، فيما أدار الجلسة الدكتور لوران لامبرت، رئيس وحدة دراسات اللاجئين والعمل الإنساني بمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني.

خلال الندوة، استعرض البروفيسور بوكو كيفية تأسيس الأونروا، الوكالة التي أنشئت عام 1948 بعد النكبة، والتي نزح خلالها الفلسطينيون جماعيًّا من أراضيهم، وأكد أن الأونروا هي وكالة تهدف إلى مساعدة اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا داخل فلسطين وإلى البلدان المجاورة في الشرق الأوسط. وسلط الضوء على دورها في تقديم المساعدات الإنسانية وبعض الخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين حتى يعودوا إلى ديارهم أو تعوضهم إسرائيل، فيما أكد أن مهمتها كانت تقديم المساعدة والخدمات، لا حل النزاع.

وأشار البروفيسور بوكو إلى عدة مجالات متميزة بخصوص واجبات الأونروا، التي تتعلق بالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية الأساسية، مشيرًا إلى أن دورها يعد أساسيًّا في السياق الفلسطيني والمنطقة الأوسع. وفي هذا المجال أشار إلى الأونروا على أنها "دولة زرقاء"؛ إذ تؤدي وظيفة "شبه دولة" ضرورية للفلسطينيين. وذكر كيف طلب الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات من الأونروا البقاء ومواصلة دورها، معترفًا بأهمية عملها في المنطقة.

وتطرقت المحاضرة إلى أبرز التحديات التي تواجهها الأونروا في سياق عملها، فسلَّطت الضوء على موقف إسرائيل وانتقادها للأونروا بسبب دعمها الثابت للشعب الفلسطيني، بوصفها جزءًا من تذكير الفلسطينيين بنكبة عام 1948، وتشكيلها تحديًا للأسطورة الصهيونية التي تدعي أن فلسطين كانت أرضًا بلا شعب. وعلى الرغم من الاعتراضات والانتقادات الدائمة التي تعرضت لها الأونروا من قبل تل أبيب، فإنها واجهت أزمة كبيرة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؛ بسبب اتهامات إسرائيلية ساهمت بفقدانها تمويلًا كبيرًا من المانحين الغربيين. وما يزال التمويل السنوي من الولايات المتحدة، الجهة المانحة الرئيسة، لم يستأنف بعد. ونظرًا لعدد المستفيدين من عمل الأونروا، يشير البروفيسور بوكو إلى هذا الجانب على أنه "انهيار أخلاقي غربي"، مؤكدًا أن نهاية تمويل الأونروا ستكون كارثية على المستوى الإنساني.

وعقب كلمة البروفيسور بوكو عُقدت جولة من الأسئلة والنقاش مع الحضور، تطرقت إلى مواضيع متعلقة بإمكانية استبدال الأونروا بأجهزة أممية أخرى؛ مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية. وأشار بوضوح وعلانية إلى دور الأونروا الحيوي في المنطقة وصعوبة استبدالها. وحتى في حال استبدال الأونروا فإن العديد من العاملين في المنظمة البديلة سيكونون من العاملين السابقين في الأونروا. كما أشار إلى سؤالٍ جوهري: من سيكون لديه مصلحة في تفكيك أو استبدال المنظمة التي توفر المساعدة والاستقرار للمنطقة؟

ذكر البروفيسور بوكو أن الأونروا تعد رمزًا للقضية الفلسطينية، وتذكيرًا للعالم بالقرار 194- الحق في العودة. كما أكد أن الأونروا تنطبق على أجيال اللاجئين من عام 1948 الذين هم أيضًا بعيدون عن أرضهم، لذا فإن مطالبهم لا تُنسى أبدًا، وحقهم في العودة يبقى ساريًا دائمًا.

نبذة عن البروفيسور ريكاردو بوكو

حاصل على درجة الدكتوراه من معهد الدراسات السياسية في باريس، ويحمل درجات في دراسات التنمية، والأنثروبولوجيا الثقافية، واللغة العربية. خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قاد البروفيسور بوكو مشاريع بحثية مهمة متعلقة بالمعونة الدولية في الشرق الأدنى مع عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة. شغل منصب مدير للبحوث وأستاذ في معهد جنيف السابق لدراسات التنمية (IUED) ومعهد جنيف العليا، حيث درّس علم الاجتماع السياسي في قسم الأنثروبولوجيا والاجتماع. تمتد تجربته الميدانية على مدى أكثر من ثلاثة عقود ونصف في الشرق الأوسط، خاصة في الأردن، ولبنان، وفلسطين-إسرائيل. وقد عمل على قضايا سياسات التنمية وبناء الدول، والمعونة الإنسانية واللاجئين، ومراقبة تأثير المعونة الدولية على السكان المدنيين.

نبذة عن مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني

مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني هو مركز مستقل للأبحاث والممارسات، مقره الدوحة، يركز على تعزيز الحوار والتفاهم والاستجابات الفعالة لتحديات الصراع والأزمات الإنسانية. يؤكد المركز أهمية خلق مساحات للحوار الشامل بين المجتمعات المحلية المتضررة من الأزمات لرفع مستوى الوعي بين أصحاب المصلحة، ويعكس قيمة الشمولية في جميع جوانب أنشطته، وهو ما يضمن توفير منصات لعدد وافر من الأصوات، ولا سيما الفئات المهمشة أو المستبعدة.