جنود إيرانيون في عرض عسكري في احتفال بيوم الجيش في طهران (17/4/2024/ Getty)


تم نشر المقال على موقع العربي الجديد

خابَ أملُ البعض من عدم دخول إيران في حربٍ معلنةٍ وشاملةٍ ضدّ إسرائيل، بعد أن سارعت، عبر بعثتها في الأمم المتحدة، إلى الإعلان أنّه مع إطلاق 420 مسيّرة وصاروخ كروز وباليستي "يمكن اعتبار الأمر منتهياً"، وأنّ هذا القصف "إجراء دفاعي"، وليس هجوماً أو إعلان حرب. وهدّدت إيران على لسان نائب وزير خارجيّتها للشؤون السياسية، علي باقري كني، الاثنين الفائت، بأن ردّها على إسرائيل سيكون مباشراً، وبدون انتظار، إذا تجرّأت إسرائيل وارتكبت خطأً جديداً. وهذا يعني أنّ ما فعلته إيران في ردّها على الغارة الإسرائيلية على قنصليتها في دمشق، واغتيال 16 شخصية، بينهم اثنان من قادة الحرس الثوري، ليس أكثر من رسالة رمزية تُوجّهها، من جهةٍ إلى أذرعها في المنطقة للحفاظ على مصداقيتها وعلى ماء الوجه، ومن جهةٍ ثانية إلى إسرائيل، ومن خلفها شركائها في الغرب، أنّها لاعب إقليمي قادر على الردّ.

ما فعلته إسرائيل في هجومها على القنصلية الإيرانية في دمشق جريمة وخرق صارخ لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961). وكان سبباً مشروعاً لإيران للدخول في حربٍ مفتوحةٍ وشاملةٍ مع إسرائيل بحجّة الدفاع عن نفسها ضدَّ عدوان خارجي، ولكنها لا تريد ذلك، وهي تعلم جيّداً أنّ المواجهة الشاملة والمباشرة ليست في مصلحتها، وقد تجرّدها من النفوذ الإقليمي والهيمنة على بعض الدول العربية، كما أنّ ميزان القوى العسكري والدولي يميل لصالح إسرائيل. ولذلك كان ردّها تكتيكياً محكوماً بحساباتٍ براغماتيةٍ لا يتناسب مع حجم خسارتها جرّاء قصف قنصليّتها، بحيث لا تعطي لنتنياهو سبباً "مشروعاً" لمهاجمتها وإطالة أمد الحرب. وبناءً عليه، استطاعت صواريخ ومسيّراتٌ قليلة اختراق الدفاعات الجوية الأميركية والإنكليزية والفرنسية والقبّة الحديدية الإسرائيلية والوصول إلى أهدافها.

بعد رسائلِ التهدئة الإيرانية السريعة، خابَ أمل بعض المراقبين في حصولِ حربٍ شاملةٍ بين إيران وإسرائيل، كما خابَ أمل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في دفع طهران ما أمكن إلى التصعيدِ وتوريط واشنطن معها في هذه الحرب، فهو يعلم أنّها مخرجه الوحيد من مأزق جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشُه بحق غزّة وأهلها، ولم تحقّق له أيّ نجاح في نظر المجتمع الإسرائيلي. وهو يعلم أنّ نصف دول أوروبا الغربية، وخصوصاً اللاتينية والدول الاسكندنافية، تُطالب إسرائيل منذ أشهر بوقف هجومها الإجرامي على غزّة والسماح بدخول المساعدات الغذائية. أمّا النصف الآخر من الدول الأوروبية، الأنغلوسكسونية من حيث الثقافة، أو التي يقودها يمين شعبَوي، فلم تقل عموماً شيئأً يُذكر عن المذابح الصارخة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزّة، ولكنها بدأت تشعر بقلق شديد بشأن عدم توصّل الجيش الإسرائيلي إلى نتائج ملموسة، وتجاه الانتقادات المتزايدة لها من الرأي العام واتهامها بالتواطؤ، الضمني والصريح، في جريمة الإبادة الجماعية التي أقرّ القانون الدولي توصيفها منذ نصف قرن وما يخضع لها من تبعاتٍ قانونية. وبشكل خاص، حين أعلن الاتحاد الأوروبي، العالق بين هذين الموقفين، قبل شهر، أنّ إسرائيل لا تسمح بدخول ما يكفي من الغذاء إلى غزّة، وأنها تستخدم الجوع "سلاح حرب"، طبعاً من دون الإشارة إلى طبيعة الإبادة الجماعية للإجراءات الإسرائيلية، مع العلم أنّ ما يحصل على أرضِ الواقع في غزّة يتوافق تماما مع الفقرة (ج) من المادة الثانية من اتفاقية عام 1948 بشأن "منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها": إخضاع أعضاء جماعة (قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية)، عمداً، لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي، كلّياً أو جزئياً، وهو ما يحصل فعلياً في غزّة....


يمكنكم قراءة المقال كاملاّ على موقع العربي الجديد