نظّم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، في 24 سبتمبر / أيلول 2024، ندوة عامة تحت عنوان "أوروبا والحرب على غزة: تحليل الاستجابات والديناميات "، وذلك في مقر المركز. عقدت مناقشات الندوة بمشاركة رفيعة المستوى، شملت مداخلات قدمها كل من أليستير بيرت، وزير الدولة البريطاني السابق للشرق الأوسط في وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية و كاري ر.آس، سفير نرويج السابق لدى أفغانستان والولايات المتحدة وأدار محاور الجلسة السيد معين رباني، باحث غير مقيم في المركز.

ناقشت الندوة محاور متعددة تتعلق بفهم السياسة الأوروبية تجاه الأوضاع الحالية في غزّة، والمحركات المؤثرة في قرارات الفواعل الأوروبيين، والتغيرات المحتملة على مواقفهم في ضوء الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية، واعتراف النرويج بدولةٍ فلسطينية. كما تناولت الندوة تحليل تداعيات السياسات الأوروبية على المنطقة، وتقييم المواقف التي أُخِذت ولم تؤخذ من قِبل الدول الأوروبية تجاه الحرب الدائرة في غزّة والتي امتدت في اليومين الأخيريين إلى لبنان، وغياب الصوت الأوروبي الموحد على حساب بناء موقف تجاه حقوق الإنسان المُنتهَكة خلال اللحظة التي تمر فيها المنطقة بنقطة تحوّل ستؤثر على مستقبلها بشكلٍ مباشر.

علّق السيد بيرت على ذلك من خلال التطرق إلى مآل حل الدولتين، وتبعات فشل تطبيقه على أجندة السلام، والتخلي عن مناقشة المسألة الفلسطينية، مع ظهور أجندات أخرى يتم الدفع باتجاهها مثل اتفاقيات أبراهام وصفقة القرن، وهو ما ساهم في تهميش الفلسطينيين بشكل أكبر. مع الإشارة إلى أن سياسات المملكة المتحدة تجاه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لم تتغير بشكل جوهري، حيث يُستدل على ذلك من خلال دعوتها لإسرائيل بالالتزام بمقتضيات القانون الدولي الإنساني، وتجنيب المدنيين الضرر. وكذلك إدانتها لأعمال العنف في السابع من أكتوبر ودعوتها لتحرير الرهائن. كما بيّن أن تصاعد أعمال العنف في الضفة العربية هو وضع تعبّر المملكة المتحدة عن قلقها من أجله بصورةٍ متكرر، مع رفضها لأية عمليات تسوية أحادية الجانب تقوم بها إسرائيل تجاه المستوطنات في الضفة الغربية. يمكن لمس آثار ذلك على السياسات المتغيرة من قِبل حكومة المملكة المتحدة المتمثلة في إعادة أموال المِنح لوكالة اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وسحب تراخيص بعض الأسلحة المُصدّرَة إلى إسرائيل، وسحب اعتراضات الدولة على قرارات محكمة العدل الدولية فيما يخص إسرائيل.

فيما أشار السيد كاري ر. آس إلى مواقف النرويج الأخيرة فيما يخص الحرب الإسرائيلية على غزّة، حيث تمثلت بالاعتراف الرسمي من قِبل النرويج بالدولة الفلسطينية، وذلك ترسيخًا لرؤيتها تجاه حل النزاع من خلال دعم حل الدولتين، واحترام الحق الأصيل للفلسطينيين بالعيش بسلام مع الإسرائيليين، كنهاية للمسار الذي بدأ في أوسلو. تنظر النرويج إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه دعم لموقف الفلسطينيين في عملية التفاوض، بالرغم من الإشكاليات التي تواجهها السلطة الفلسطينية فيما يخص قضايا الفساد، وعدم قدرتها على إدارة إصلاحات جديدة تقربها من الشعب الفلسطيني.

وتشارك كلًا من المتحدثين ذات المطالب التي تتبناها بلديهما والتي تتعلق بضرورة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وزيادة إدخال المساعدات الإنسانية، ودعم المفاوضات كونها الطريق الوحيدة للخروج من الموقف الحالي وصولًا إلى دولة إسرائيلية وفلسطينية مستقلتين مع عدم تهميش المسألة الفلسطينية من قِبل أي من اللاعبين الإقليميين والدوليين. وذلك يتطلب موقفًا أوروبيًا موحدًا تجاه دعم عملية السلام، والدعوة إلى إعادة الإعمار بشكلٍ فعّال وسريع يشمل قطاعات التعليم والصحة والبُنية التحتية، مع تجاوز التقيدات الإسرائيلية المفروضة على عمليات إعادة الإعمار السابقة. كما يتطلب أيضًا وجود قادّة سياسيين يتبنون أجندات السلام والاستقرار والتنمية لصالح شعوبهم ضمن رؤيةٍ أوسع لتأمين الاستقرار في المنطقة.

واختُتِمت الجلسة بمجموعة من الأسئلة ناقش خلالها الحضور واقعية حل الدولتين، وسياسات ومواقف الدول الأوروبية حيال ما تتسبب به إسرائيل من أوضاعٍ متأزمة في قطاع غزّة ولبنان، ومدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، وموقف الدول من تسمية ما يحدث في قطاع غزّة بالإبادة الجماعية والقضية الحالية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، كما ناقشت الفقرة الختامية المُمكنات التي تحملها عمليات التفاوض والسلام، والحلول المطروحة ضمنها.