مع استمرار المفاوضات الأفغانية في الدوحة في سعيها للوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع في أفغانستان، اختتم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني والمركز العربي واشنطن دي سي المؤتمر الأكاديمي المشترك "التطلّع إلى إرساء السلام في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي"؛ والذي عُقد عبر الانترنت في الفترة 21-23 حزيران/يونيو 2021. وذلك لمناقشة وجهات النظر العلمية حول مسائل السلام والتنمية والمصالحة في أفغانستان.

 استضاف المؤتمر في يومه الأول سعادة الدكتور مطلق القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات؛ الذي ألقى الكلمة الافتتاحية حول عملية بناء السلام وتحديات التسويات السياسية والمفاوضات الرسمية، بالإضافة إلى دور قطر المحايد في الوساطة في عملية السلام الأفغانية. وقد ركز العديد من الخبراء البارزين مداخلاتهم على التعقيدات القائمة داخل عملية السلام والسياسات الإقليمية تجاه أفغانستان.

ألقى الكلمة الرئيسية المتميزة خلال اليوم الثاني؛ فخامة الرئيس الدكتور محمد أشرف غني، رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية، وركز الرئيس غني من خلال كلمته على التحول الذي تشهده أفغانستان؛ ودور الأوساط الأكاديمية ومسؤوليتها الأخلاقية والمعنوية، والمصالح الدولية والإقليمية المشتركة، والتحول الاستراتيجي الذي يمر به العالم بأسره.

 خلال اليوم الثالث من المؤتمر 23 حزيران/يونيو، شارك نخبة من الخبراء البارزين في الجلسات الختامية للمؤتمر، حيث ناقشوا من خلالها شمولية عملية السلام، وعودة اللاجئين، وإعادة التأهيل، والعودة إلى الوطن. كما تم في نفس اليوم استضافة سعادة الدكتورة فاطمة جيلاني المفاوضَةَ عن جمهورية أفغانستان الإسلامية؛ حيث ألقت سعادتها الكلمة الافتتاحية لهذا اليوم، وشاركت وجهة نظرها حول عملية إرساء السلام، والمستقبل بعد قرار الإدارة الأميركية سحب قواتها وقوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان، مع التأكيد على أهمية شمولية عملية السلام وضمان مشاركة كل الأطراف فيها.

أشارت السيدة جيلاني في كلمتها إلى أهمية الدور الذي تلعبه الأوساط الأكاديمية في الحفاظ على الذاكرة التاريخية للصراع والحرب في أفغانستان؛ وذكرت: "لا يمكن لأفغانستان أن تتحمل عواقب تكرار الخطأ عينه ... ويجب ألا يعيد التاريخ نفسه". كما أشارت في حديثها عن حقوق المرأة إلى أن الزمن قد تغير، وأن ما كانت النساء تقبله يوماً ما؛ لم يعد الآن مقبولًا لديهنّ. وواصلت حديثها موضحةً أن حقوق الأقليات موازية لحقوق المرأة.

 أوضحت السيدة جيلاني خلال حديثها عن أهمية السلام، وأن الحرب ليست خيارًا متاحًا؛ وذكرت أن القوى الدولية والإقليمية يجب أن تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في دفع عملية السلام السياسي إلى الأمام؛ حيث أن "السلام ليس غياب الحرب فقط، بل إشراك جميع النساء والأقليات". وفي حديثها عمَّا يمكن للمجتمع الدولي أن يفعله قبل انسحاب القوات الدولية؛ نصحت السيدة جيلاني جميع الجهات الفاعلة أن تجتمع على كلمةٍ سواء، وأن تتحدث مع بعضها البعض بنزاهة أثناء الاستماع إلى الأفغان، لمعرفة كيف يريدون المضي قدمًا. وأضافت السيدة جيلاني إنه يمكن الوصول إلى أرضية وسط مع طالبان من خلال الحوار؛ ويُشار إلى ذلك من خلال النشرات التي تصدر عن مقرهم فيما يتعلق بتطوير وجهات نظرهم عن المرأة.

 وقالت سعادة الدكتورة فيما يتعلق بتنمية السلام وإرساء دعائمه "عندما أستيقظ في الصباح وأرى شخصاً ما، أحييه قائلةً السلام عليكم، فدعونا نحقق السلام كُرمى لله" - وهي رسالة مهمة أقر المشاركون فحواها.