تم نشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية، وهو جزء من مبادرة HPN، التي تم إنشاؤها لمشاركة آراء العاملين في المجال الإنساني والباحثين حول الوضع في غزة.


أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تعميق الشكوك تجاه الأمم المتحدة، مؤكدًا فشلها في دعم الشعب الفلسطيني. وقد تجلَّى قصورها في ضعف استجابتها وسلبية موقفها، ليكون صمتها بحد ذاته تواطؤًا مع العدوان على غزة، وفق تعبير المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية. إذ اقتصر دور الأمم المتحدة على إصدار تقارير موجزة تعرب فيها عن قلقها، وإصدار بياناتٍ لا تجرؤ فيها حتى على المطالبة بمحاسبة إسرائيل على جرائمها في القتل الممنهج للمدنيين، وتدميرها البنية التحتية المدنية وتنفيذها للعقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين.


وبعد سبعة أسابيع من العدوان غير المسبوق على قطاع غزة، فإن عجز الأمم المتحدة عن توفير الإمدادات الأساسية، وتأمين وقف إطلاق النار، أو حماية مرافقها واللاجئين في غزة، يكشف عيوبها.. هذا فضلًا عن فشلها في استثمار امتيازاتها المؤسسية الخاصة في ممارسة الدبلوماسية الوقائية من أجل دعم تنفيذ أي هدنة أو وقف إطلاق نار على نحوٍ عاجل.


بكل أسف، لم تكن هذه الاستجابة الباردة أمرًا مستغربًا بالنسبة للملايين حول العالم، خصوصًا ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة. فقد سبق أن حذَّرت الأمم المتحدة على مدى سنوات من احتمالية تحول القطاع إلى مكان غير صالح للعيش، وهو الوضع الذي فاقمته سياسات إسرائيل؛ من خلال فرضها الحصار الممنهج، وعملها على منع تنمية القطاع كي تحقق غايتها المتمثلة في طرد سكانه الفلسطينيين منه، إلا أن كل تحذيراتها قوبلت على الدوام بتقاعس عالمي عن اتخاذ أي إجراء، ليثبت بذلك فشل الأمم المتحدة في التصرف بما يحول دون تحقُّق توقعاتها الخطيرة. وهكذا لم يعد ثمة أي ثقة بالأمم المتحدة التي لم تعد تؤدي الغرض التي أُسست من أجله، لا سيما بعد إخفاقاتها التي تمثلت في تأخر الاستجابة لزلزال شمال سوريا.


وبينما يفرض كل من ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبدأ المسؤولية عن الحماية إلزامًا بحماية المدنيين، فإنه ثمة تناقضات واضحة في تطبيق هذه المبادئ على المستوى العالمي؛ إذ إن تسييس عملية اتخاذ القرارات داخل منظومة الأمم المتحدة يعيق أي تدخل حاسم في غزة، ومن ثَمَّ يجعل التدخل مشروطًا بإجماع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وهذا يؤكد الاعتقاد السائد حول ازدواجية المعايير في الاستجابة الدولية للغزو الإسرائيلي والحصار والتدمير المنهجي لقطاع غزة. يمكن للغالبية العظمى من الجنوب العالمي والجمهور الأوسع أن يميزوا بوضوح أن الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية تُقابل بالصمت أو بالمساواة الأخلاقية الزائفة من قبل الأمم المتحدة.


إن عدم فاعلية استجابة الأمم المتحدة في غزة تؤكد الحاجة إلى إجراء إصلاحات منهجية لتلك المنظمة التي لم تعد قادرة على أداء الغرض الذي أُسست من أجله، ومن ثم فإن عليها أن تتجاوز الجمود البيروقراطي والقيود التي يفرضها مجلس الأمن  إذا كانت تريد حقًّا التوافق مع ميثاقها وأداء رسالتها الحقيقية.