"تم نشر المقال في الأصل باللغة الإنجليزية على موقع New Lines Institute ، وتمت ترجمته من طرف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني"

أدى استخدام إسرائيل للمياه سلاحَ حربٍ في غزة، في عامي 2023 و2024، إلى تحويل ما كان أزمة صحية عامة دائمة إلى كارثة إنسانية. ويبدو أن استهداف مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، التي لم يعد لها أثر على الإطلاق في العديد من مدن غزة، كان مقصودًا بغية التسبب في أزمات صحية للسكان المدنيين الفلسطينيين. ولهذا السبب، من بين أسباب أخرى، اتهمت جنوب أفريقيا الحكومة الإسرائيلية بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية[1] أمام محكمة العدل الدولية، وهو الاتهام الذي وجدته المحكمة "معقولًا"، في كانون الثاني/ يناير.

بعد يومين من هجوم حماس، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على إسرائيل، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي في بئر السبع قائلًا: "لقد أمرت بحصار كامل لقطاع غزة؛ لا كهرباء، ولا طعام، ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك"[2]، وعلى الرغم من أنه لم يذكر المياه، فقد قُطِعت أيضًا.

تعاني غزة من أزمة المياه الصالحة للشرب منذ عَقدين؛ إذ يأتي نحو 90 في المئة من مياه الآبار في القطاع من حوض المياه الجوفية الساحلي، ولكن استغلاله المفرط، وخاصة على طول الساحل، تسبب في انخفاض منسوبه وتداخل مياهه مع مياه البحر الأبيض المتوسط، وخاصة في بداية عام 2000 تقريبًا[3]، وقد كان لارتفاع مستوى سطح البحر، بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان، دور في ذلك أيضًا.

وعلاوة على ذلك، فقد تسبب الحصار الإسرائيلي لغزة في شل معالجة مياه الصرف الصحي في كثير من الأحيان، ومن ثَمَّ تسربت مياه الصرف الصحي، وكذلك المواد الكيميائية من ورش التصنيع، إلى الحوض الجوفي، ويضاف إليه أن استخدام إسرائيل لمياه الصرف الصحي المعالجة للري بالقرب من الحدود مع غزة أدى إلى تدفق المياه المالحة إلى الحوض الجوفي[4]. ويعد أربعة في المئة فقط من هذه المياه الجوفية صالحة للشرب.

كانت غزة تُزوَّد بالمياه النظيفة عن طريق شاحنات خاصة مُحمّلة بخزانات، أو تُنتج من خلال وحدات تحلية صغيرة داخل القطاع، أو تُضخ من إسرائيل بواسطة شركة المياه الوطنية الإسرائيلية "ميكوروت"، التي كانت توفر قرابة 12 في المئة من المياه في القطاع[5].

اليوم تستخدم إسرائيل المياه سلاحًا في غزة، وهو إجراء يوصف بأنه جريمة حرب. وبناء عليه ستتناول هذه المقالة تطورات الأزمة في الأشهُر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وشباط/ فبراير 2024، وتموز/ يوليو 2024، مستعرضة لمحات عن أزمة المياه التي فرضتها إسرائيل على غزة توضّح تطور الوضع.

تشرين الثاني/ نوفمبر 2023: "الجفاف وسوء التغذية"

بحلول 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي بعد مرور أكثر من شهر على بدء الاجتياح الإسرائيلي لغزة، أعلن برنامج الأغذية العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة، وعلى نحو عاجل، أن غزة تعاني نقصًا كبيرًا في الغذاء والمياه، وقالت المتحدثة باسم البرنامج، عبير عطيفة، في مؤتمر صحفي: "لقد بدأنا بالفعل نشهد حالات من الجفاف وسوء التغذية، وهي تتزايد بسرعة"[6].

كان من نتائج الحصار الاقتصادي الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ عام 2007، أن أصبح سكان غزة يعتمدون على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، وكانت وكالات الإغاثة تُدخل ما يعادل 500 شاحنة من الإمدادات إلى القطاع يوميًّا قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ثم توقفت هذه الإمدادات بعد الهجوم سوى جزء ضئيل[7]. وفي مؤتمر صحفي عقد في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "مع سرعة اقتراب فصل الشتاء، وعدم أمان الملاجئ، واكتظاظها، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون خطر المجاعة الوشيك"[8].

وقد تسببت العمليات البرية الإسرائيلية غرب مدينة غزة في خلق ظروف تهدد الحياة؛ فوفق رصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فإن "الأسر في الأحياء الغربية من مدينة غزة ناشدت تقديم المساعدة بعد نفاد ما تبقى لديها من طعام ومياه شرب. وبحسب التقارير فإن تلك الأسر لم تتمكن من مغادرة منازلها بسبب وجود القوات البرية الإسرائيلية والقتال"[9].

كذلك حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، من أن 70 في المئة من الفلسطينيين -رجالًا ونساءً وأطفالًا- في جنوب غزة لا قدرة لديهم على الوصول إلى المياه النظيفة. وعلاوة على ذلك بدأت مياه الصرف الصحي تتدفق في الشوارع في بعض المناطق[10].

وفي الشمال، في تلك المرحلة، بدا أنه لم يعد هناك مياه شرب نظيفة على الإطلاق؛ نظرًا لأن وحدة تحلية المياه كانت خارج الخدمة، وخط الأنابيب الإسرائيلي قد أُغلق في تشرين الأول/ أكتوبر، ولم تتوفر المياه المعبأة، ومن ثم كان الناس يستهلكون مياهًا سطحية أو جوفية ملوثة. وكان نقص المياه النظيفة من بين الأسباب التي أدت إلى إغلاق المخابز في ذلك الوقت. وقد عزز هذا الوضع المزري، وضغوط الهيئات العالمية، جهود إدارة بايدن لتأمين وقف إطلاق نار قصير، أو "هدنة إنسانية"، ما بين 24 و30 تشرين الثاني/ نوفمبر.

شباط/ فبراير 2024: الملح والتلوث والصرف الصحي

لم يتحسن وضع المياه عقب الهدنة على نحو ملموس؛ ففي منتصف شباط/ فبراير 2024، قدّرت منظمة أطباء بلا حدود أن نحو 70 في المئة من سكان غزة أُجبروا على شرب المياه الملوثة أو المياه التي تحتوي على نسب عالية من الملح، وهو ما يشكل خطرًا على الصحة. وبينما يحتاج كل فرد إلى نحو 3 لترات من مياه الشرب يوميًّا، ويحتاج إلى أربعة أمثال هذه الكمية للنظافة والاستخدامات الأخرى، فإن عائلات بأكملها لا تحصل إلا على 3 لترات يوميًّا، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود. وتشير التقديرات إلى وجود مرحاض واحد فقط لكل 500 فرد[11].

وصف علاء الحلو، وهو صحافي فلسطيني مستقل يقيم في غزة، في مقالة له بصحيفة العربي الجديد اليومية التي تصدر في لندن، وصف المشهد قائلًا: "تشهد شوارع قطاع غزة حالة بيئية كارثية بفعل اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي، التي باتت تغرق مختلف الطرق من جراء الطفح المتواصل"[12]. وأضاف الحلو: "هذا الوضع ناتج من استهداف الجيش الإسرائيلي للبنية التحتية، والعجز الشديد في تصريف كميات المياه العادمة بسبب نفاد الوقود، والانقطاع التام للتيار الكهربائي". ونقل الحلو عن حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية غزة، قوله إن الحرب الإسرائيلية الشاملة على غزة "أدت إلى توقف العديد من القطاعات الخدمية الأساسية، ومن بينها عمل البلديات، بما يشمل إصلاح الطرق الرئيسة والفرعية، وتصريف مياه الأمطار، وتصريف المياه العادمة من الشوارع"[13].

وبحلول شباط/ فبراير، أجبرت القوات الإسرائيلية أكثر من مليون فلسطيني في غزة على النزوح إلى رفح أقصى جنوب القطاع، التي تشكل 20 في المئة فقط من إجمالي مساحة القطاع. وعلى الرغم من مزاعم إسرائيل بأن هذه المنطقة ستكون آمنة لغير المقاتلين، فإن القصف عليها لم يتوقف.

وكان قرابة ثلثي الفلسطينيين الذين هُجّروا من منازلهم في وسط وشمال القطاع قد تجمعوا في رفح في تلك المرحلة.

كانت المياه النظيفة في غزة تُوفَّر في الأصل من خلال ثلاث وحدات تحلية، لكن إسرائيل أغلقتها بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر ولم تستعِد سوى بعض إنتاجها في كانون الأول/ ديسمبر 2023، من جراء ضغوط كبيرة من إدارة بايدن. ومع أنه يوجد 284 بئرًا للمياه الجوفية، فإن ثمة إشكالية في المياه المستخرجة منها تتمثل في كونها غالبًا ما تكون ملوثة ونسبة الملح فيها عالية. وبينما يستطيع الناس في الأحوال الطبيعية غليها فإن ذلك يكاد يكون مستحيلًا على من يعيشون في الخيام والملاجئ ولا يكاد يتوفر لهم وقود كاف.

هذا وبحلول شباط/ فبراير 2024، لم يكن سوى 17 في المئة من الآبار تعمل بكامل طاقتها، وقد دمر القصف الإسرائيلي قرابة 39 بئرًا، وتضرر 93 بئرًا. وبعد شهرين، في نيسان/ أبريل، وجد تحليل الأقمار الصناعية أن الهجمات ألحقت أضرارًا أو دمارًا كليًّا بـ63 في المئة من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة[14]. ولم تتمكن بلدية مدينة غزة ورفح وغيرهما من البلديات من تشغيل مراكز معالجة مياه الصرف الصحي وسط الحرب في ذلك الشتاء، نظرًا لتضرر جميع أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي إما بسبب القصف أو لافتقارها إلى الوقود الكافي، ومن ثم أصبحت غزة تغرق في الفضلات، وكان هذا نذيرًا بتفشي أمراض الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية، بالإضافة إلى الإسهال المائي الذي كان منتشرًا على نطاق واسع، ثم بحلول تموز/ يوليو، سُجلت حالات من شلل الأطفال.

وقد أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن اثنتين من محطات تحلية المياه معطلة على نحو شبه كامل، وأن المحطة الثالثة -وهي محطة تحلية صغيرة تابعة للإمارات العربية المتحدة على الجانب المصري من رفح- "تعمل بكامل طاقتها، وتوفر 2400 متر مكعب يوميًّا، بعد بناء خط نقل بطول 3 كيلومترات"[15]، كما تعطلت العديد من خطوط الأنابيب التي كانت تنقل المياه المحلاة سابقًا؛ بسبب عدم كفاية الوقود لتشغيل مضخاتها، وتضررت خطوط أنابيب أخرى بسبب القصف الإسرائيلي المكثف. وقد أوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالتفصيل المشاكل التي تواجه توزيع المياه المحلاة، مشيرًا إلى أنه في شباط/ فبراير كان اثنان من خطوط الأنابيب الثلاثة التي تديرها شركة ميكوروت الإسرائيلية للمياه، والتي تسيطر على كل المياه في الضفة الغربية وتوفر 12 في المئة من المياه في غزة، خارج الخدمة. وأوضح المكتب أن الخط الثالث، وهو خط أنابيب بني سعيد، "يعمل، ولكنه ينتج حاليًّا 6000 متر مكعب يوميًّا فقط، وهو ما يمثل 42 في المئة فقط من طاقته الكاملة"[16].

وقد وجد تحليل أجرته منظمة أوكسفام لقطاع غزة، بين عامي 2023 و2024، حول خطوط الأنابيب والآبار والينابيع التي تسيطر عليها شركة ميكوروت، أن 80 في المئة من المياه المنتجة كانت تُفقد بسبب التسرب، وربما يرجع ذلك إلى تدمير خطوط الأنابيب نتيجة القصف. وعلاوة على ذلك، استغرق الأمر حتى شهر أيار/ مايو لإعادة تشغيل خطوط الأنابيب الثلاثة التابعة لشركة ميكوروت، وإن كان ذلك دون تأثير عملي يذكر نظرًا لصعوبة التوزيع[17].

وخلص مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن جميع مصادر المياه في غزة لا تنتج، منذ الربع الأول من 2024، سوى 5.7 في المئة فقط من المياه، مقارنة بمستويات الإنتاج قبل الحرب. ولا تزال مياه الشرب الآمنة ومياه الاستخدام المنزلي، ومن ضمن ذلك النظافة الشخصية، محدودة للغاية"[18]. وقد تلوثت المياه السطحية الناجمة عن أمطار شباط/ فبراير أو خطوط الأنابيب المكسورة. واضطر بعض اللاجئين إلى استخدام أكفهم لشرب المياه من الشوارع المليئة بمياه الصرف الصحي.

وقد حاولت اليونيسف بناء 80 مرحاضًا عائليًّا في منتصف شباط/ فبراير، لكن المتحدث باسمها آنذاك أشار إلى أن "نسبة تغطية الصرف الصحي لا تزال منخفضة للغاية؛ ذلك أن الجهات التي تعمل في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية تواصل بناء المراحيض العائلية، لكن نقص الأسمنت والخشب ومواد البناء الأخرى يبطئ التقدم"[19]؛ إذ واصلت إسرائيل تقييد أو منع المواد اللازمة لإصلاح البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. وعلى الرغم من أن الوضع في شباط/ فبراير كان أسوأ بكثير من الوضع في تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن إدارة بايدن إما لم تكن ترغب أو لم تستطع فرض هدنة إنسانية أخرى.

تموز/ يوليو 2024: الدمار المستمر

واصل أفراد الجيش الإسرائيلي التدمير الممنهج للآبار الجوفية، فهدموا 30 بئرًا في تموز/ يوليو وحده. وبحلول ذلك الوقت، كان الجيش الإسرائيلي قد أخرج وحدات تحلية المياه الثلاث في القطاع من الخدمة، وألحق الضرر أو دمر 88 في المئة من آبار المياه[20]. وفي حين احتفظت رفح بمعظم بنيتها التحتية للمياه طوال العملية العسكرية، فإنه بحلول أواخر أيار/ مايو تضرر ثلثها أو دُمر خلال الهجوم الإسرائيلي الذي شن في ذلك الشهر[21].

وفي تموز/ يوليو، تباهى جنود إسرائيليون، في مقطع مصور، بتدميرهم لخزان المياه الكندي في رفح، وهو محطة معالجة تعمل بالطاقة الشمسية بنتها كندا لتوفير المياه العذبة. وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم اليونيسف، في إفادة صحفية: "حتى وقت قريب، كان هذا الخزان يخدم آلاف النازحين الذين لجؤوا إلى رفح، "الآن، وبعد فقدان هذا الخزان، من المرجح أن يضطر الأطفال الضعفاء وأسرهم مجددًا، وبشكل متزايد، إلى اللجوء إلى المياه غير الآمنة، وهو ما يعرضهم مرة أخرى لكل تلك المخاطر التي نراها مرارًا وتكرارًا على مدار الأيام في غزة، مثل الجفاف وسوء التغذية والأوبئة"[22].

وكانت محطة تحلية المياه الإماراتية إحدى ضحايا العملية العسكرية في رفح، والتي تحدت الخط الأحمر الذي حددته إدارة بايدن؛ إذ لم يعد من الممكن توزيع المياه منها؛ لأن الجيش الإسرائيلي ألحق أضرارًا بالغة بخط الإمداد- المذكور أعلاه- الذي رُكِّب حديثًا[23].

ولم يكتف الجيش الإسرائيلي بإتلاف البنية التحتية للمياه في غزة أو تدميرها المنهجي، بل إنه يمنع أيضًا إصلاحها من خلال حظر استيراد الأنابيب والمواد الأخرى، وتأخير تصاريح الإصلاح[24]. وأشارت اليونيسف إلى أن "المواد الأساسية للمياه والصرف الصحي، مثل المضخات ومعدات الحفر والمواد الكيميائية المطهرة، مذكورة على قائمة الأشياء ذات 'الاستخدام المزدوج'، وهو ما يعني أنه يُسمح بدخولها إلى غزة بطريقة انتقائية فقط"[25].

وبينما تواصل الهجمات الإسرائيلية تشريد مئات الآلاف من الأشخاص مرارًا وتكرارًا، اضطرت اليونيسف، وغيرها من المنظمات الإنسانية، إلى التنقل من منطقة إلى أخرى وهي تحاول عبثًا مقاومة النقص الحاد في المياه بإمدادات ضئيلة من زجاجات المياه وبعض الوقود لمضخات المياه[26]. ولقد بذلت المنظمة جهودًا حثيثة لتحسين الصرف الصحي ومعالجة المياه، على الرغم من أن هذه القضايا، مثل العطش، ظلت مستعصية على الحل.

 وتشير شدة وحجم الضرر والدمار الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بالبنية التحتية للمياه في غزة، والذي يمكن رصده من خلال الأقمار الصناعية من الفضاء الخارجي، إلى أن هذا كان تكتيكًا متعمدًا للحرب؛ أو على أقل تقدير، أظهر تجاهلًا متهورًا لحياة المدنيين، ويمثل جزءًا من تدمير البنية التحتية المدنية بشكل عام، من خلال استخدام قنابل تزن 2000 رطل على المجمعات السكنية المكتظة، وهو ما أدى إلى خلق قرابة 500 حفرة في الشهور الثلاثة الأولى فقط من العملية العسكرية.

ويبدو أن استهداف مرافق معالجة مياه الصرف الصحي (التي لم تعد موجودة على الإطلاق في العديد من مدن غزة)، مخطَّط له بغية إثارة الأزمات الصحية وزيادة الوفيات بين السكان المدنيين الفلسطينيين. وعلى نحو مماثل، لا يمكن فهم تعريض المدنيين غير المقاتلين للعطش المستمر ونقص المياه إلا على أنه عنصر من عناصر حرب شاملة على السكان المدنيين، بهدف إصابتهم بأمراض الكلى وغيرها.

تنص المادة 51 من الفصل 20 من قواعد برلين بشأن الموارد المائية، التي اعتمدت في مؤتمر "رابطة القانون الدولي" في آب/ أغسطس 2004، على أنه "لا يجوز للمقاتلين، تحت أي ظرف من الظروف، مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو جعل المياه والمنشآت المائية الضرورية لصحة ونجاة السكان المدنيين غير صالحة للاستخدام إذا كان من المتوقع أن تترك هذه الأفعال السكان المدنيين بمياه غير كافية تسبب وفاتهم نتيجة نقص المياه، أو تجبرهم على النزوح"[27]. إن هجمات إسرائيل على البنية التحتية للمياه في غزة، ومنعها للواردات اللازمة لإصلاح البنية التحتية، تقود المدنيين الفلسطينيين إلى الجفاف والأوبئة والموت.


المراجع


[1] Sagoo, R., and Bar-Yaacov, N. "South Africa's genocide case against Israel: The International Court of Justice explained," Chatham House, Jan. 26, 2024. https://2u.pw/c5MPmmtK

[2] Jankowizc, M. "Israel announces 'complete siege' of Gaza, cutting its electricity, food, water, and fuel," Business Insider, Oct. 9, 2023. https://2u.pw/HIusUg7L

[3] Hall, N.; Kirschenbaum, A.; and Michel, D. "The Siege of Gaza's Water," Center for Strategic and International Studies, January 12, 2024. https://2u.pw/HqkkmeTK

[4] Mushtaha, A.M., and Walraevens, K. "Evolution of salinity in the Gaza Strip over the last five decades deduced from field data," Journal of African Earth Sciences, vol. 198 (Feb. 2023): 1-19; Musallam, I.; Zhou, Y.; and Jewitt, G. "Simulation of groundwater flow and seawater intrusion in response to climate change and human activities on the coastal aquifer of Gaza Strip, Palestine," Hydrogeology Journal 31, 7 (2023): 1953–1969.

[5] Hall, N.; Kirschenbaum, A.; and Michel, D. "The Siege of Gaza's Water," Center for Strategic and International Studies, Jan. 12, 2024. https://2u.pw/HqkkmeTK; Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p. 15. https://2u.pw/b7XOrieL

[6] World Food Programme. "Gaza faces widespread hunger as food systems collapse, warns WFP," Nov. 16, 2023. https://2u.pw/1mmJKd7M; Tanielian, M.S. "The Silent Slow Killer of Famine: Humanitarian Management and Permanent Security," Journal of Genocide Research (2024): 1–9; Cole, J. "Is Israel deliberately Starving the Palestinians of Gaza? WFP Warns of Immediate Possibility of Man-made Famine," Informed Comment, Nov. 18, 2023. https://2u.pw/McTGDSWT

[7] Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA). "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #41," ReliefWeb, November 17, 2023. https://2u.pw/zUaQ1SqF; Cole, J. "Is Israel deliberately Starving the Palestinians of Gaza? WFP Warns of Immediate Possibility of Man-made Famine," Informed Comment, Nov. 18, 2023. https://2u.pw/McTGDSWT

[8] "Gaza faces widespread Hunger;" "Food and Fuel Shortages in Gaza" - UNRWA and WFP Press Conference: https://2u.pw/yE1bcU60; Cole, J. "Is Israel deliberately Starving the Palestinians of Gaza? WFP Warns of Immediate Possibility of Man-made Famine," Informed Comment, Nov. 18, 2023. https://2u.pw/McTGDSWT

[9] OCHA, "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #41," ReliefWeb, Nov. 17, 2023. https://2u.pw/zUaQ1SqF

[10] OCHA. "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #41," ReliefWeb, Nov. 17, 2023. https://2u.pw/zUaQ1SqF

[11] Peoples Dispatch/Globetrotter News Service. "Infections On the Rise In Gaza As Israel Impedes Delivery Of Water, Food," Eurasia Review, Feb. 15, 2024. https://2u.pw/GBXrBDRK; Cole, J. "Water Crisis and untreated Sewage could kill more Gaza Palestinians than Bombs: Threat of Infant Mortality," Informed Comment, Feb. 16, 2024. https://2u.pw/ppakQ5Oi

[12] Al-Hilu, A. "Miyah al-sirf al-sihhi tughriq shawari` Qita` Ghazzah," al-Arabi al-Jadid, Feb. 10, 2024. https://tinyurl.com/3nss4f7k; Cole, J. "Water Crisis and untreated Sewage could kill more Gaza Palestinians than Bombs: Threat of Infant Mortality," Informed Comment, Feb. 16, 2024. https://2u.pw/ppakQ5Oi

[13] Al-Hilu, A. "Miyah al-sirf al-sihhi tughriq shawari` Qita` Ghazzah," al-Arabi al-Jadid, Feb. 10, 2024. https://tinyurl.com/3nss4f7k; Cole, J. "Water Crisis and untreated Sewage could kill more Gaza Palestinians than Bombs: Threat of Infant Mortality," Informed Comment, Feb. 16, 2024. https://2u.pw/ppakQ5Oi

[14] Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p. 17. https://2u.pw/b7XOrieL

[15] OCHA, "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #120," Feb. 16, 2024 https://2u.pw/pgdpdqbZ

[16] OCHA. "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #120," Feb. 16, 2024. https://2u.pw/pgdpdqbZ

[17] Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p. 14-15. https://2u.pw/b7XOrieL

[18] OCHA. "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #120," Feb. 16, 2024. https://2u.pw/pgdpdqbZ

[19] Quoted in OCHA, "Hostilities in the Gaza Strip and Israel | Flash Update #119," Feb. 15, 2024.https://2u.pw/di9MxmsU

[20] Khalid, H. "Destruction of Gaza water wells deepens Palestinian misery," Reuters, July 30, 2024.https://2u.pw/dz5bSzhP

[21] Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p. 18. https://2u.pw/b7XOrieL

[22] Schlein, L. "Rafah water facility demolition raises health risks in Gaza, UN says," VOA, July 30, 2024. https://2u.pw/Cydzm2Ja

[23] Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p. 20. https://2u.pw/b7XOrieL

[24] Samad, L.A.; Butcher, M.; and Khalidi, B. "Water War Crimes: How Israel has weaponized Water in its Military Campaign in Gaza," Oxfam, July 2024, p.21-22. https://2u.pw/b7XOrieL

[25] Ferguson, S., and Su, T. "UNICEF Aids Children Caught in Water and Sanitation Crisis in Gaza," UNICEF USA, July 19, 2024. https://2u.pw/UNSZi4SI

[26] Ferguson, S., and Su, T. "UNICEF Aids Children Caught in Water and Sanitation Crisis in Gaza," UNICEF USA, July 19, 2024. https://2u.pw/UNSZi4SI

[27] International Committee of the Red Cross "Water and Armed Conflicts," https://2u.pw/ypxF3WpJ