سبتمبر. 21 ، 2020: وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو يلقي ملاحظات حول "عقوبات snapback" على إيران في واشنطن العاصمة (وزارة الخارجية ، رون برزيسوتشا).
تم نشر مقال الرأي في الأصل باللغة الإنجليزية على صحيفة توم ديسباتش Tom Dispatch
تسببت صورة في بكين نُشرت في 6 آذار/ مارس بصدمة كبرى في واشنطن. إذ كان يظهر في الصورة وزير الخارجية الصيني وانغ يي واقفًا بين أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني ومستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان وهما يتصافحان بعد الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية. كان ينبغي لهذه الصورة أن تعيد إلى الأذهان صورة عام 1993 للرئيس بيل كلينتون وهو يستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، في حديقة البيت الأبيض، أثناء توقيعهم على اتفاقيات أوسلو، إذ كان لتلك اللحظة في حد ذاتها تأثير في إظهار القوة التي اكتسبتها الولايات المتحدة عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، والانتصار الأميركي الساحق في حرب الخليج عام 1991.
استُبعِدت الولايات المتحدة من الصورة هذه المرة، وهذا التغير لا يعكس المبادرات الصينية وحسب، بل يعكس أيضًا عدم كفاءة واشنطن، وغطرستها، وتلاعبها المزدوج خلال العقود الثلاثة الأخيرة في الشرق الأوسط.
وقد تلتها صدمة أخرى في أوائل أيار/ مايو؛ حيث اعترت الكونغرس مخاوف متعلقة بالبناء السري لقاعدة بحرية صينية في الإمارات العربية المتحدة، وهي حليفة للولايات المتحدة وتستضيف آلاف القوات الأميركية. ومن المفترض أن تكون منشأة أبو ظبي، والقاعدة الصغيرة في جيبوتي على الساحل الشرقي لأفريقيا التي يستخدمها جيش التحرير الشعبي البحري، قواعد لمكافحة القرصنة وإجلاء غير المقاتلين من مناطق النزاع، وربما التجسس الإقليمي.
لم تكن مصلحة الصين في تهدئة التوترات بين زعماء إيران والنظام الملكي السعودي قائمة على طموحاتها العسكرية في المنطقة، ولكن لأنها تستورد كميات كبيرة من النفط من كلا البلدين. وكان الدافع الآخر بلا شك "مبادرة الحزام والطريق"، التي يطمح إليها الرئيس شي، والتي تهدف إلى توسيع البنية التحتية الاقتصادية للتجارة الإقليمية البرية والبحرية في أوراسيا، وخاصةً الصين. فقد استثمرت الصين بالفعل مليارات الدولارات في مشروع الطريق الاقتصادي الصيني الباكستاني، وفي تطوير ميناء جوادر الباكستاني الذي يقع على بحر العرب، لتسهيل نقل نفط الخليج إلى مقاطعاتها الشمالية الغربية.
كانت حالة الخصومة والعداء بين إيران والسعودية تشكل خطرًا على المصالح الاقتصادية الصينية. ولا ننسى الهجوم الذي شنّته إحدى الجهات الموالية لإيران، أو إيران نفسها، في أيلول/ سبتمبر 2019، بواسطة طائرة بدون طيار على مجمع تكرير النفط الضخم في البقيق، والذي أدى إلى توقف إنتاج خمسة ملايين برميل من الطاقة السعودية يوميًّا مدة وجيزة.
تصدِّر السعودية حاليًّا 1.7 مليون برميل من النفط يوميًّا إلى الصين، ومن ثم فإن هجمات الطائرات بدون طيار المستقبلية (أو أي أحداث مماثلة) تهدد هذه الإمدادات. في حين تقدَّر إمدادات الصين من إيران بحوالي 1.2 مليون برميل يوميًّا، علمًا أن هذا يحدث خلسةً؛ بسبب العقوبات الأميركية. في كانون الأول/ ديسمبر 2022، عندما فرضت الاحتجاجات الوطنية إنهاء إجراءات الإغلاق التي فرضها الرئيس شي بسبب فيروس كوفيد 19، أبدت الصين رغبتها في استيراد النفط مرة أخرى، وازداد الطلب بالفعل بنسبة 22 في المئة عمّا كان عليه عام 2022.
لذا، فحالة من عدم الاستقرار في الخليج هو آخر شيء يحتاجه الحزب الشيوعي الصيني في الوقت الحالي. بالطبع، تعد الصين أيضًا رائدة في التحول العالمي بعيدًا عن المركبات التي تعمل بالوقود البترولي، وهو ما سيجعل الشرق الأوسط في النهاية أقل أهمية بكثير بالنسبة لبكين. ومع ذلك فلا يزال ذلك اليوم على بعد 15 إلى 30 عامًا.
وهذا ما يجعل الحزب الشيوعي الصيني متخوفًا من أي حالة من عدم الاستقرار في الخليج حاليًّا. ورغم أن الصين تعدُّ رائدةً عالميًّا في التطورات الجارية في طريق التحول من المركبات التي تعمل بالنفط، وأن الشرق الأوسط من ثم غير مهم بالنسبة إلى بكين، فلا يزال الأمر على بعد 15 إلى 30 عامًا.
كان من الممكن أن تكون الأمور مختلفة
إن مصلحة الصين في إنهاء الحرب الباردة بين إيران والسعودية، التي تهدد بالاشتعال في أي لحظة، واضحةٌ تمامًا. ولكن لماذا اختارت هاتان الدولتان قناةً دبلوماسية كهذه؟
مع ذلك، ما تزال الولايات المتحدة تصرُّ على وصف نفسها بأنها "الدولة التي لا يمكن الاستغناء عنها". ربما كانت تلك التسمية حقيقية يومًا ما، لكن أهمية الولايات المتحدة الأميركية اليوم تتراجع على نحوٍ واضح؛ بسبب أخطائها الفادحة، مثل السماح لليمين الإسرائيلي بتعطيل عملية السلام في أوسلو، وغزو العراق وشن حرب غير شرعية عليه عام 2003، وكذلك سوء إدارة ترامب للملف الإيراني
وقد كان يمكن أن تكون طهران، رغم بعدها عن أوروبا، جزءًا من نطاق تأثير حلف شمال الأطلسي (NATO)، وهو ما أنفق الرئيس باراك أوباما رأسمال سياسيًّا كبيرًا لتحقيقه، إلا أن دونالد ترامب دفعها مباشرةً إلى أحضان الاتحاد الروسي بقيادة فلاديمير بوتين والصين بزعامة شي جين بينغ.
كان من الممكن أن تكون الأمور مختلفة حقًّا؛ فقد أغلقت إدارة أوباما جميع الطرق أمام إيران لامتلاك أسلحة نووية من خلال توقيع الاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) لعام 2015. كذلك فإن زعماء إيران كانوا مُصِرّين منذ مدة طويلة على عدم رغبتهم في امتلاك أسلحة دمار شامل، من شأنها أن تقتل أعدادًا كبيرة عشوائيًّا من البشر من غير المقاتلين، وهو أمر لا يتوافق مع أخلاقيات الشريعة الإسلامية.
وسواء اعتقدنا بزعامة الدولة الدينية في إيران أم لا، فإن خطة العمل الشاملة المشتركة جعلت المسألة موضع نقاش، إذ إنها فرضت قيودًا صارمة من حيث عدد أجهزة الدفع المركزي التي يمكن لإيران تشغيلها، والمستوى الذي يمكنها فيه تخصيب اليورانيوم لمحطتها النووية في بوشهر، وكمية اليورانيوم المخصب الذي يمكن تخزينه، وأنواع المحطات النووية التي يمكن بناؤها. ووفقًا للمفتشين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، فقد نفذت إيران التزاماتها بأمانة حتى عام 2018، ثم فرضت عليها واشنطن العقوبات لأنها امتثلت لتلك الالتزامات؛ ويعد هذا الأمر محلًّا للسخرية في عهد ترامب.
سمح آية الله علي خامنئي للرئيس حسن روحاني فقط بالتوقيع على تلك المعاهدة المحرجة مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مقابل الإعفاء من عقوبات واشنطن (الذي لم يحظوا به مطلقًا). وفي أوائل عام 2016، رفع مجلس الأمن بالفعل العقوبات التي فرضها على إيران عام 2006. لكن تبيّن لاحقًا أن هذه لفتة لا معنى لها؛ لأن الكونغرس فرض عقوبات أميركية أحادية الجانب على إيران عن طريق مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. وحتى في أعقاب الاتفاق النووي، رفض الجمهوريون في الكونغرس رفع العقوبات، حتى إنهم رفضوا صفقة بقيمة 25 مليار دولار كانت ستسمح لإيران بشراء طائرات ركاب مدنية من بوينغ.
والأسوأ من ذلك أن هذه العقوبات صُممت لمعاقبة الأطراف الثالثة التي تنتهكها. وكانت العديد من الشركات الفرنسية، مثل رينو وتوتال إنرجي، حريصة على دخول السوق الإيرانية، لكنها كانت تخشى أن تفرض عليها عقوبات. إذ حدث أن فرضت الولايات المتحدة غرامة مالية بقيمة 8.7 مليارات دولار على البنك الفرنسي BNP بسبب التفافه على تلك العقوبات، ومن ثم لم ترغب أي شركة أوروبية في مواجهة نفس المصير. في الأساس، أبقى الجمهوريون في الكونغرس وإدارة ترامب إيران تحت هذه العقوبات الشديدة على الرغم من أنها التزمت بجانبها من الصفقة، في حين كان رجال الأعمال الإيرانيون يتطلعون بفارغ الصبر إلى التعامل مع أوروبا والولايات المتحدة. باختصار، كان من الممكن سحب طهران إلى المدار الغربي من خلال زيادة الاعتماد على صفقات التجارة في شمال الأطلسي، لكن ذلك لم يحدث.
ولا ننسى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي (آنذاك وحتى الآن)، بنيامين نتنياهو، ضغط بشدة ضد خطة العمل الشاملة المشتركة، حتى إنه تجاوز الرئيس أوباما بطريقة غير مسبوقة لتشجيع الكونغرس على إلغاء الاتفاق، ولكن جهوده في تعطيل الاتفاق فشلت، إلى أن مزق الرئيس ترامب ببساطة وثيقة المعاهدة في أيار/ مايو 2018. وقد سُجِّلت أقوال نتنياهو وهو يتباهى بأنه أقنع ترامب الساذج باتخاذ هذه الخطوة. على الرغم من أن اليمين الإسرائيلي أصر على أن أكبر ما يثير قلقه هو وجود رأس حربي نووي إيراني، فإنه لم يتصرف بهذه الطريقة؛ فقد تسبب إلغاء اتفاق 2015 في تحرر إيران من كل القيود. يبدو أن نتنياهو والساسة الإسرائيليين الذين يشبهونه في طريقة التفكير كانوا مستائين من أن خطة العمل الشاملة المشتركة تناولت برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم المدني فقط ولم تفرض تراجع النفوذ الإيراني في لبنان والعراق وسوريا، وهو ما كانوا يعتقدون- على ما يبدو- أنه التهديد الحقيقي.
واصل ترامب فرض حظر مالي وتجاري على إيران، ونتيجة لذلك أصبحت التجارة مع هذا البلد أمرًا متزايد الخطورة. ومع حلول أيار/ مايو 2019، كان ترامب قد نجح نجاحًا رائعًا، وفقًا لمعاييره الخاصة (ومعايير نتنياهو أيضًا)؛ فقد تمكن من خفض صادرات النفط الإيرانية من 2.5 مليون برميل يوميًّا إلى 200 ألف برميل يوميًّا. ومع ذلك، استمرت قيادة إيران في الامتثال لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة حتى منتصف عام 2019، وبعد ذلك بدؤوا بتجاوزها. فأنتجت إيران اليورانيوم عالي التخصيب، وأصبحت أقرب إلى تصنيع أسلحة نووية أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من أنه ليس لديها حتى الآن برنامج نووي عسكري، ولا يزال زعماؤها ينكرون أنهم يريدون مثل هذه الأسلحة.
في الواقع، "حملة الضغط الأقصى" التي قام بها ترامب فعلت كل شيء سوى تدمير نفوذ طهران في المنطقة، بل على العكس فيما يخص لبنان وسوريا والعراق، فقد تعززت قوة زعماء إيران بدلًا من أن تضعف.
بعد مدة، وجدت إيران أيضًا طرقًا لتهريب نفطها إلى الصين، حيث بيع إلى المصافي الخاصة الصغيرة التي تعمل فقط في السوق المحلية، إذ إن هذه الشركات ليست دولية، وليس لديها أصول دولية ولا تتعامل بالدولار، وهكذا لم يكن لدى وزارة الخزانة الأميركية أي وسيلة للتحرك ضدها. وبهذه الطريقة، ضمن الرئيس ترامب والجمهوريون في الكونغرس أن تصبح إيران معتمدة بشدة على الصين لبقاء اقتصادها، ومن ثم ضمنوا أيضًا الأهمية المتزايدة لتلك القوة الصاعدة في الشرق الأوسط.
الانقلاب السعودي
عندما غزت روسيا أوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، ارتفعت أسعار النفط، فكان ذلك في مصلحة الحكومة الإيرانية. ثم فرضت إدارة بايدن نوعًا من عقوبات الضغط القصوى على الاتحاد الروسي كالتي فرضها ترامب على إيران. وبذلك فقد كان من المتوقع أن يكون هناك محور جديد للدول التي فرضت عليها العقوبات قد تشكل الآن، حيث تتباحث إيران وروسيا في صفقات التجارة والأسلحة، ويُزعم أن إيران تقدم طائرات بدون طيار لموسكو لدعم جهودها الحربية في أوكرانيا.
بالنسبة للسعودية، يبدو أن زعيمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قد وظّف مؤخرًا مجموعة أفضل من المستشارين. فقد شن حربًا مدمرة في آذار/ مارس 2015 في اليمن المجاور بعد أن استولى الشيعة الزيدية "أنصار الله"، أو من يُعرفون بالحوثيين، على شمال اليمن المكتظ بالسكان. ولما كان السعوديون يستخدمون القوة الجوية ضد قوة عصابات غير منظمة، فقد كان من المحتم أن تفشل حملتهم. ثم ألقت القيادة السعودية باللوم على الإيرانيين في صعود الحوثيين وصمودهم، ومع أن إيران قدمت بالفعل بعض الأموال، وهرّبت بعض الأسلحة إلى أنصار الله، فإنهم كانوا حركة محلية لديها قائمة طويلة من المظالم ضد السعوديين، ثم وصلت الحرب بعد ثماني سنوات إلى طريق مسدود مدمر.
حاولت السعودية أيضًا مواجهة النفوذ الإيراني في مناطق أخرى من العالم العربي، فتدخلوا في الحرب الأهلية السورية في صف الثوار السلفيين ضد حكومة الرئيس المستبد بشار الأسد. وفي عام 2013، انضمت ميليشيا حزب الله اللبنانية الشيعية إلى المعركة لدعم الأسد، وفي عام 2015 وجهت روسيا قوات جوية إلى هناك لضمان هزيمة الثوار، في حين دعمت الصين الأسد (لكن ليس عسكريًّا) وكان لها دور هادئ في إعادة إعمار البلاد بعد الحرب. كجزء من ذلك الاتفاق الأخير الذي توسطت فيه الصين لتقليل التوترات مع إيران وحلفائها الإقليميين، قادت المملكة العربية السعودية قرارًا بإعادة حكومة الأسد إلى عضوية جامعة الدول العربية (التي طُردت منها في عام 2011 في ذروة انتفاضات الربيع العربي).
ومع حلول نهايات عام 2019، في أعقاب هجوم الطائرات بدون طيار على مجمع بقيق لتكرير النفط، كان من الواضح بالفعل أن بن سلمان قد خسر منافَسته الإقليمية مع إيران، وبدأت المملكة العربية السعودية البحث عن مخرج. ومن بين الأمور الأخرى، تواصلت السعودية مع رئيس الوزراء العراقي آنذاك، عادل عبد المهدي، طالبين مساعدته للوساطة مع الإيرانيين. وبدوره دعا اللواء الراحل قاسم سليماني، قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني، بغداد لمناقشة علاقة جديدة مع آل سعود.
وقد ينسى البعض أن سليماني سافر إلى العراق في 3 كانون الثاني/ يناير 2020 على متن طائرة مدنية، ثم اغتيل في غارة جوية أميركية بطائرة بدون طيار على مطار بغداد الدولي، بأوامر من الرئيس ترامب، الذي ادعى أن سليماني كان قادمًا لقتل الأميركيين. هل أراد ترامب منع التقارب مع السعوديين؟ ففي النهاية كان حشد تلك الدولة مع دول الخليج الأخرى في تحالف مناهض لإيران مع إسرائيل من صميم "اتفاقات أبراهام" التي تولى صهره جاريد كوشنر الدفاع عنها.
تصاعد الصين وانحدار أميركا
أصبحت واشنطن الآن هي "البندقية السوداء" في حفلة الدبلوماسيين. لم يكن من المحتمل أن يثق الإيرانيون بالأميركيين كوسطاء، ولا بد أن السعوديين كانوا يخشون إخبارهم بالمفاوضات خشية إطلاق ما يعادل صاروخ هيلفاير آخر. زار الرئيس الصيني شي العاصمة السعودية الرياض مع نهاية عام 2022، وكان واضحًا أن موضوع النقاش يتركز حول العلاقات مع إيران. وفي شباط/ فبراير الماضي، سافر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى بكين، وفي ذلك الوقت- وفقًا لوزارة الخارجية الصينية- كان الرئيس شي قد طور التزامًا شخصيًّا بالوساطة بين الخصمين الخليجيين. الآن تعرض الصين الصاعدة المشاركة في جهود وساطة أخرى في الشرق الأوسط، في حين تشتكي من أن "بعض الدول الكبيرة خارج المنطقة" كانت تتسبب في "عدم استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط" بناءً على "المصلحة الذاتية".
قد يمتد دور الصين الجديد كصانعة ووسيطة في تحقيق السلام قريبًا ليشمل نزاعات مثل تلك الموجودة في اليمن والسودان. بصفتها القوة الصاعدة على هذا الكوكب، مع التركيز على أوراسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، من الواضح أن بكين حريصة على تسوية أي نزاعات يمكن أن تتداخل مع مبادرة الحزام والطريق الخاصة بها بطريقة سلمية قدر الإمكان.
رغم أن الصين على وشك أن تمتلك ثلاث مجموعات قتالية من حاملات الطائرات، فإنها ما تزال تواصل العمل قرب مناطقها، والمخاوف الأميركية بشأن الوجود العسكري الصيني في الشرق الأوسط، حتى الآن، لا معنى لها.
من الواضح أن بكين مستعدة الآن لأداء دور الوسيط النزيه بعد أن سئم الطرفان (السعودية وإيران) من النزاع. ومع ذلك، فإن إنجازها الدبلوماسي المذهل المتمثل في استعادة العلاقات بين البلدين لا يعكس مكانتها كقوة صاعدة في الشرق الأوسط بقدر ما يعكس التراجع المذهل لمصداقية الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بعد ثلاثة عقود من الوعود الزائفة (أوسلو)، والكوارث (العراق)، وصنع السياسات العشوائية. عند الرجوع إلى الماضي يبدو أن الولايات المتحدة لم تعتمد على أكثر من مجموعة من الحيل الاستعمارية السخيفة القائمة على سياسة "فرِّقْ تَسُد"؛ التي أصبحت الآن مبتذلة جدًّا.