عقد مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني محاضرة عامة يوم الإثنين الموافق 20 أيار / مايو، تحت عنوان "من الميدان: تدمير القدرات الإنسانية في قطاع غزة"، حاضرت فيها الناشطة أ. رشا أبو شعبان، وهي ناشطة حقوقية مع خبرة تزيد عن 15 عامًا في مجالات العمل الإنساني وحقوق الإنسان في غزة. وقد أدارت الجلسة منى هداية، وهي باحثة في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني.

استهلت أ. رشا المحاضرة باستعراض شامل لوضع القطاع الإنساني في غزة قبل حرب السابع من أكتوبر، مسلطةً الضوء على تأثير الحروب السابقة على البنية التحتية والقطاعات الخدمية مثل التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والاتصالات. تناولت أيضًا حجم الدمار والخسائر البشرية التي عانى منها القطاع منذ بدء الحصار على غزة عام 2007. ثم انتقلت لمناقشة الوضع بعد الحرب الدائرة حاليًا، مشيرةً إلى الممارسات المنهجية التي ترتكبها قوات الاحتلال، بما في ذلك القتل والتهجير القسري للمدنيين والتدمير المتعمد للبنية التحتية.

وفي إطار شرح مظاهر تدمير القدرات الإنسانية في غزة وما يواجه القطاع الإنساني من تحديات، أوضحت الناشطة رشا المعاناة اليومية التي يتعرض لها النازحون في القطاع بسبب أوامر الإخلاء التي تصدرها قوات الاحتلال لإجبار العائلات على التنقل المستمر، وقيامها بتدمير الأماكن التي يتم إخلاؤها لجعلها غير صالحة للسكن، في محاولة واضحة لتهجير سكان القطاع ودفعهم للنزوح خارج غزة. أشارت أيضًا إلى أزمة توفر المواد الأساسية مثل الوقود، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة النازحين، مهددةً بوقف الأنشطة الخدمية مثل الأنشطة المصرفية، الاتصالات، والخدمات الطبية. انقطاع الاتصالات يؤثر بشكل خاص على حركة النازحين الداخلية، وكذلك على العاملين في القطاع الإنساني في تحديد الاحتياجات، وأيضاً على الفرق الطبية في الإبلاغ عن الإصابات في حالات القصف.

تطرقت المحاضرة أيضًا إلى التدمير الواسع والمنهجي للبنية التحتية في مختلف القطاعات مثل الصحة، التعليم، المياه والصرف الصحي، والكهرباء، حيث أوضحت رشا أن استهداف المستشفيات أضعف من قدرة المنظومة الصحية، حيث تعمل 10 من أصل 32 مستشفى بشكل جزئي داخل القطاع، ما زاد من التحديات التي تواجه الفرق الطبية في تقديم الرعاية للجرحى والمصابين. كما أن تدمير خطوط المياه والصرف الصحي تسبب في تفشي الأوبئة مثل التهاب الكبد الوبائي، في ظل نقص المراكز الصحية.

وأخيرًا ركزت المتحدثة على التحديات التي تواجهها المنظمات الإغاثية في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، ووجهت نقدًا لاستخدام آليات غير مناسبة مثل الإنزال الجوي للمساعدات، الذي تسبب في مقتل 18 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات. كما أشارت إلى أن استهداف العاملين في المنظمات الدولية والمحلية أسفر عن مقتل 188 من موظفي الأونروا و4 من العاملين في منظمات دولية أخرى، حيث تم تنفيذ ما لا يقل عن 8 غارات على قوافل إغاثة إنسانية حتى الآن، مما أدى إلى مقتل حوالي 250 من العاملين في القطاع الإنساني.

وعقب المحاضرة الرئيسية، عُقدت جولة من الأسئلة والنقاش مع الحضور، تناولت مواضيع متعلقة بالدروس المستفادة لتحسين عمل المنظمات، بما في ذلك استغلال الأنظمة الحالية في قطاع غزة والبناء عليها وتفعيلها، وتعزيز مشاركة مؤسسات المجتمع المدني التي تمتلك فهمًا أوسع للسياق وخبرة في تقديم الاستجابة.