نظم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS) والسفارة التركية في الدوحة حوار مع رئيس مجلس الأمة التركي الكبير مصطفى شنطوب، بعنوان: "نحو آفاق جديدة: الصداقات والتحالفات والتعاون الدولي"، وذلك يوم الأربعاء 19 كانون الثاني/ يناير 2022، بمعهد الدوحة للدراسات العليا - المجمع الثقافي – المدرج الرئيسي.

تمحورت الفعالية حول السياسات الخارجية التركية في ظل التحولات الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة في دول الخليج، فضلاً عن الصداقات والتحالفات والتعاون الدولي، وترأس الحوار مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني البروفيسور سلطان بركات.

يسعى مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني إلى المساهمة في سبر آفاق الحوار امتثالاً لمبادئه التوجيهية المرتبطة بالعدالة والسياق والمشاركة والتعاون، التي توجه جهوده لتوفير تحليل للسياسات ذات الصلة والحلول العملية لصانعي القرار الرئيسيين. تحقيقًا لهذه الغاية، يعد هذا الحدث العام امتدادًا لسجل إنجازات المركز في العمل عن كثب مع الوسطاء الرئيسيين والجهات المانحة لتعزيز التعلم المتبادل، بالإضافة إلى الجمع بين مجموعة من الأكاديميين والدبلوماسيين والطلاب والصحفيين العرب والأجانب وغيرهم من الأفراد المهتمين من أجل تعزيز الحوار.

ألقى البروفيسور مصطفى شنطوب خطابًا عامًا وجاهياً أمام الجمهور، وتم بثه في الوقت نفسه على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز. بدأ شنطوب خطابه بالقول إن التغيير التاريخي ليس دالة على مرور الوقت فحسب، ولكنه يدل أيضًا على أهمية الأحداث التاريخية. كما جادل بأن الأحداث التي وقعت على مدار العشرين عامًا الماضية – بما في ذلك الانكماش الاقتصادي على المستوى العالمي، وتفشي الصراعات المختلفة، وزيادة مستويات الهجرة، والوباء العالمي - قد عجلت من معدل التغيير التاريخي وخلقت لحظات فاصلة جديدة في التاريخ.

وعلى هذا الأساس فإن النظام العالمي الجديد مُطالب بمعالجة نقاط الضعف التي كشفت عنها هذه الأحداث التاريخية في نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية - والذي تم تحديده من قبل المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة (UN)، وصندوق النقد الدولي (IMF)، ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) -المنابر الرئيسية لتسيير العلاقات الدولية المعاصرة.

تشمل نقاط الضعف هذه الإحساس العميق بالحزبية والاستقطاب بين الدول اليوم، حيث تحدد عضويتها في كتل معينة علاقاتها مع الدول الأخرى. وأشار إلى الخلاف بين روسيا وأوكرانيا حول عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي كدليل على هذا الادعاء. في نفس الوقت، أكد أن تحالفات الدول اليوم تختلف وفقًا لكل قضية، مما يشير إلى عدم أهمية التكتلات والمؤسسات الحزبية في القرن العشرين.

اختتم سعادته تعليقاته موضحًا أن قضية الهجرة ستستمر في تعقيدها وبروزها على مدى العقود العديدة القادمة. وأشار إلى العديد من الدراسات التي تشير إلى أن أعلى نسبة سكانية عالمية في المستقبل ستكون في آسيا وأفريقيا - القارات التي تستضيف حاليًا معظم النزاعات ومستويات الهجرة. وللتخفيف من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الباهظة للهجرة وإعادة إرساء السلام، قال سعادته إن النظام العالمي الجديد يجب أن يمتلك نظرة عالمية مستندة على القيم الإنسانية. واستشهد بالوباء العالمي المستمر كدليل على التدويل السريع للأمراض المحلية وتكاليف التوزيع غير المتكافئ للقاحات في جميع أنحاء العالم، كما هو الحال في ظهور متغيرات جديدة من فيروس كورونا في المناطق التي يكون فيها إعطاء لقاحات أقل بشكل غير متناسب بالمقارنة مع مناطق أخرى. في كلا الحالتين، أكد على دور تركيا في استضافة اللاجئين، ودعم عملية المفاوضات والحوار، وإيصال الإمدادات الطبية إلى أكثر من 100 دولة حول العالم.

بعد الخطاب العام، شارك معالي البروفيسور شنطوب في محادثة مطولة مع البروفيسور سلطان بركات حول القيود التي يضعها الانكماش الاقتصادي في تركيا على رؤاها لتعزيز المشاركة العالمية في نظام عالمي جديد، والصعوبات في تطوير نظام عالمي جديد مستنير تقوده القيم الإنسانية، وتجربة تركيا في الموازنة بين مسؤولياتها الإنسانية الإقليمية ومصالحها الداخلية. أشار سعادة البروفيسور شنطوب في ردوده أن قطر وتركيا تشتركان في نهج دبلوماسي قائم على المبادئ والقيم الإنسانية، وهو ما تجلى مؤخرًا في انخراطهما في أفغانستان.

أعقب الحوار، جلسة أسئلة وأجوبة مع الحضور الكريم، حيث طرحت أسئلة حول شكل النظام العالمي الجديد وجدوى حلف الناتو في ظل التوترات الداخلية الأخيرة. أجاب، على التوالي، أن النظام العالمي الجديد سيستغرق عدة عقود حتى يظهر، وأن داخل حلف الناتو يسعى الأعضاء لإيجاد أدوات بديلة لمعالجة القضايا بشكل أكثر فعالية، مؤكداً مرة أخرى على التزام تركيا بتعزيز نهج المفاوضات والحوار وتسوية الصراعات بشكل سلمي.

اختتم البروفيسور بركات الجلسة الحوارية بتسليط الضوء على أهمية النهوض بنظام عالمي جديد تحدده المبادئ الإنسانية من منظور إقليمي ووطني، كما يتضح من قيادة تركيا في تحمل مسؤوليات إنسانية كبيرة، مؤكداً على أن ذلك لا يتحقق إلا من خلال تعزيز الحوار والمحادثة كوسيلة لتسوية النزاعات وتعزيز التفاهم - وهو ما يمثل حجر الزاوية في الثقافة الإسلامية المشتركة في تركيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

الفعالية متاحة للمشاهدة باللغة الإنجليزية عبر منصات مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني على كل من فيسبوك وتويتر واليوتيوب