استضاف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في الدوحة سعادة السيد ناصر بن عبد العزيز النصر، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين والممثل السامي السابق للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، في محاضرة بعنوان: "عام على رأس الأمم المتحدة في الوساطة وبناء السلام"، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 22 شباط/ فبراير 2022.
تأتي هذه المحاضرة، التي أدارها البروفيسور سلطان بركات، المدير المؤسس لـمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في الدوحة، في وقت ما تزال فيه المنطقة في واجهة الصراعات والكوارث الطبيعية، وهي بأمس الحاجة إلى تكثيف الوسائل السلمية لصد دعوة ودعاة الصراع والحروب بين الحضارات والثقافات والتطرف الديني والعنصري، وأشكال الفوبيا وثقافة الكراهية، في سبيل بناء الجسور بينها، والاعتراف بثراء التنوع الإنساني ووحدته.
شارك في المحاضرة مجموعة من الشخصيات الدبلوماسية المرموقة، من بينهم معالي الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأسبق لدولة قطر، وسعادة عبد الله بن عيد السليطي، مدير مكتب سمو نائب الأمير، وسعادة الدكتور حسن راشد الدرهم، رئيس جامعة قطر، إلى جانب نخبة مميزة من الباحثين والإعلاميين والدبلوماسيين والسفراء وطلاب الماجستير العرب والأجانب.
عقب الافتتاحية التي قدمها البروفيسور بركات، بدأ السيد النصر كلمته بتهنئة مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، الذي يعد مركز أبحاث مستقلًّا، على تمكنه من مواكبة مراكز الفكر الدولية الأخرى ذات السمعة الطيبة والمكانة الدولية. ثم قدم خلفية عن الأوضاع التي أدت إلى ظهور الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ودور الأمم المتحدة في تعزيز الأمن والتعاون الدوليين لحل القضايا السياسية والاقتصادية والبيئية والثقافية حول العالم اليوم. تطرقت المحاضرة إلى القضايا الرئيسة للدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بين عامي 2011-2012، التي شهدت موجات الربيع العربي. وأوضح السيد النصر الركائز الأربع التي قامت عليها فترة رئاسته للدورة، وهي: التسوية السلمية للنزاعات؛ وإصلاح وإحياء مؤسسة الأمم المتحدة؛ والوقاية من الكوارث والاستجابة لها؛ وتعزيز التنمية المستدامة والازدهار العالمي. ثم تعمق بعد ذلك في بعض تجاربه الفريدة في أثناء رئاسته للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن بينها قيادته في دفع ملف الصومال على جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ودعم الليبيين في مسار المصالحة وإعادة الإعمار والديمقراطية، والتنديد بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في سورية، والمساهمة في تخفيف الأزمة الإنسانية هناك.
وأشار السيد النصر إلى الدور المحوري الذي اضطلعت به قطر في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، في حل النزاعات وتعزيز السلم والأمن الدوليين، وإيجاد الحلول، والتعاطي مع القضايا السياسية والعسكرية، وكان أهمها في السودان واليمن ولبنان، وأيضًا في كل من آسيا وأفريقيا. وأضاف بالقول إن فترة عمله رئيسًا للجمعية العامة كانت مليئة بالتحديات، أبرزها ما كان يمر به العالم من ظروفٍ استثنائية أثرت في الاستقرار والأمن في العديد من دول العالم، خاصة في منطقتنا العربية، التي شهدت موجات الربيع العربي أو الصحوة العربية. إزاء هذا السياق، عمل السيد النصر خلال الدورة السادسة والستين على مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والدولية التي تعنى بها الجمعية العامة، وفقًا للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المعني بحل المنازعات حلًا سلميًّا، حيث اعتمد الوساطة حلًّا أمثلَ يؤدي إلى تجنب وقوع الصراع وازدياد أعداد ضحاياه وتفاقم تكاليفه البشرية والاقتصادية والتنموية، وذلك استلهامًا وانطلاقًا من سياسة دولة قطر الخارجية القائمة على الدبلوماسية الوقائية والقوة الناعمة.
بعد الخطاب العام، تحدث البروفيسور بركات مع معالي السيد النصر في نقاش موسع حول الأسباب الكامنة وراء عجز الأمم المتحدة عن إصلاح نفسها، ووجهة نظره حول قرارات مجلس الأمن لعام 2011 في ليبيا، ومسؤولية العالم العربي تجاه اللاجئين. وتحدث السيد النصر عن رؤيته لتأمين استقرار المنطقة من خلال تعزيز التعاون بين الهيئات الإقليمية، مثل دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وناقش أهمية الحوار بين الأديان بين مختلف الدول، مستشهدًا بتجربته في ذروة أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث شهد الدعم غير المسبوق الذي أظهره أمير قطر لضحايا المأساة. وعلق على الأهمية الخاصة لدور القادة الدينيين والجهات الفاعلة في المجتمع لتوجيه مجتمعاتهم وتعزيز التعاون والقبول.
أعقب الحوار جلسة أسئلة وأجوبة مع الحضور الكريم، حيث طرح الجمهور أسئلة حول مجموعة متنوعة من القضايا، من بينها تجربة السيد النصر بصفته ممثل الأمم المتحدة السامي لتحالف الحضارات وآراؤه حول عجز الأمم المتحدة عن منع إراقة الدماء في سورية وغيرها من السياقات، ومن ضمنها جورجيا منذ عام 2011. وردًّا على تصاعد الصراعات العسكرية، أعرب الدكتور ناصر النصر عن خوفه من تزايد الكراهية والتعصب في المنطقة، وهو ما يؤدي حتمًا إلى الحرب. وأشار إلى التحدي المتمثل في دور وسائل التواصل الاجتماعي في تحفيز هذه المشاعر التحريضية التي تؤدي إلى تفاقم الانقسامات والصراع.
على وجه العموم، سلطت المحاضرة الضوء على أهمية المشاركة الفعالة مع الأمم المتحدة لتعزيز قدراتها على تعزيز السلام ودعم حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم لتتناسب مع سياقاتنا المتغيرة من أجل تحقيق الرؤى التي ألهمت تأسيسها.
عُقِدت المحاضرة وجاهيًّا في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بالمبنى الثقافي. وبُثَّت المحاضرة مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمركز فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، وأرفقت معها الترجمة إلى اللغة الإنجليزية