نظَّم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، محاضرة عامة بعنوان "حماية الأطفال في حالات الكوارث والطوارئ والأزمات"، قدمتها سعادة السيدة كيت فوربس، رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، يوم الاثنين 9 أيلول/ سبتمبر 2024، في مدرج المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالدوحة -قطر.
ناقشت السيدة كيت فوربس خلال المحاضرة التحديات الكبرى التي يواجهها الأطفال في مناطق النزاعات والكوارث، مؤكدة أن هذه الفئة تعد الأكثر هشاشة وتأثرًا في مثل هذه الأوضاع القاسية. وأشارت فوربس إلى أن عدد الأطفال الذين يعيشون في ظروف نزاع حول العالم بلغ نحو 400 مليون طفل، وفقًا لتقارير اليونيسف، وهو رقم ينذر بالخطر ويستدعي تحركًا دوليًّا سريعًا. ولفتت إلى أن هؤلاء الأطفال يواجهون أوضاعًا مأساوية تشمل النزوح القسري، والانفصال عن أسرهم، وتعرضهم لمخاطر التجنيد القسري والانتهاكات الجنسية، بالإضافة إلى الحرمان من التعليم والرعاية الصحية.
وأوضحت فوربس أن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر يضطلع بدور محوري في التصدي لهذه الأزمات، حيث إن فرق الاتحاد حاضرة في مواقع استراتيجية حول العالم لتقديم الدعم العاجل والمستمر للأطفال المتضررين. وأضافت أن الفرق تعمل في أثناء الأزمات، وقبلها وبعدها، لضمان توفير الحماية اللازمة للأطفال، وتأمين احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية، مشيرةً إلى أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين يعانون آثار الصدمات الناتجة عن النزاعات.
وشددت فوربس على أهمية تعزيز الأطر القانونية لحماية الأطفال في أوقات الأزمات، معتبرة أن السياسات وحدها لا تكفي لتحقيق هذه الغاية، وأنه لا بد من وجود شراكات قوية بين المؤسسات الدولية والمحلية لضمان تنفيذ استجابات إنسانية فعالة على أرض الواقع. ودعت إلى إشراك جميع أصحاب المصلحة في تصميم تلك الجهود، ومن ضمنهم الأطفال أنفسهم، لتعزيز الحلول المستدامة التي تحمي حقوقهم وتلبي احتياجاتهم.
وأكدت فوربس أيضًا ضرورة إدماج التعليم في خطط الاستجابة الإنسانية، موضحةً أن التعليم يمثل حقًّا أساسيًّا للأطفال، ولا يمكن تأجيله حتى في أوقات النزاع. وأشارت إلى أن توفير بيئات تعليمية آمنة في المناطق المتضررة يعد ضرورة ملحة للحفاظ على مستقبل هؤلاء الأطفال ومنحهم فرصة بناء حياة مستقرة.
وفي هذا السياق سلطت فوربس الضوء على التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية على الأطفال، مؤكدةً أن التغيرات المناخية تعد أحد التحديات الجديدة التي يجب على المجتمع الدولي التعامل معها بحزم، لأن آثارها تهدد حياة ومستقبل ملايين الأطفال حول العالم.
اختتمت فوربس كلمتها بالدعوة إلى تحرك دولي عاجل وشامل لحماية الأطفال من المخاطر المتعددة التي يواجهونها، مشددةً على أن حماية الأطفال ليست مجرد التزام إنساني، بل واجب قانوني وأخلاقي يقع على عاتق المجتمع الدولي ككل.
من جانبه أكد الدكتور غسان الكحلوت، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، أن المحاضرة تجسد التزام المركز بالتأكيد على ضرورة حماية الأطفال وضمان سلامتهم في ظل النزاعات والأزمات. وأشار إلى أن الأطفال هم الأكثر هشاشة في الأزمات، سواء كانت طبيعية أو ناتجة عن نزاعات مسلحة، موضحًا أن الحرب في غزة تذكرنا بتأثير النزاعات المدمر على الأطفال، وأضاف: "اليوم، ونحن نحتفي باليوم العالمي لحماية التعليم، نتذكر أهمية حماية التعليم في ظل النزاعات، وهو واجب دولي يتطلب تضافر الجهود العالمية". وأعرب الكحلوت عن فخر قطر بدورها الريادي في دعم المبادرات العالمية لضمان استمرار التعليم في بيئات آمنة حتى في أصعب الظروف.
في هذا السياق، أشار سعادة السيد فيصل محمد العمادي، الأمين العام للهلال الأحمر القطري، إلى التحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية في ظل نزاعات معقدة وممتدة، وإلى كون الأطفال هم الفئة الأكثر ضعفًا وتأثرًا بتلك الأوضاع، حيث يواجهون مخاطر جسيمة على حياتهم وصحتهم وتعليمهم. وأوضح أن الهلال الأحمر القطري يؤمن بحق كل طفل في الحماية والرعاية، ويعمل بدأب على تقديم الدعم العاجل لتأمين احتياجاتهم الأساسية وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية. داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود وتوحيد الصفوف لحماية الأطفال من آثار الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية، بهدف ضمان مستقبل آمن ومستقر لهم.
شهدت المحاضرة حضور عدد من السفراء، وممثلي الجمعيات والمؤسسات العاملة في العمل الإنساني، والأكاديميين، والطلاب.
وفي الختام أتيحت الفرصة للحضور لتقديم مداخلاتهم وطرح الأسئلة حول موضوع حماية الأطفال في الأزمات الإنسانية، وهو ما ساهم في إثراء النقاش وتبادل الخبرات بين المشاركين، وصولًا إلى تعزيز الفهم حول التحديات التي تواجه الأطفال، وإيجاد حلول أكثر فعالية وشمولية.