​​​​​​نظّم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS) وهيئة تنظيم الأعمال الخيرية(RACA) ، يوم الثلاثاء الموافق 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، في فندق الشيراتون – قاعة الريان بالدوحة، اليوم الأول من مؤتمر "إدارة المعرفة لتعزيز فعالية العمل الإنساني"، بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين والممارسين من قطر والمنطقة العربية والعالم.

يأتي المؤتمر استكمالًا لمسارٍ متميز من التعاون بين المركز والهيئة في تطوير منظومة العمل الإنساني والتنموي في قطر والمنطقة، حيث يهدف إلى تعزيز الفهم المشترك لمفاهيم إدارة المعرفة في السياق الإنساني، واستعراض التجارب الدولية والمحلية في تبني منهجيات إدارة المعرفة، وتسليط الضوء على المعايير والممارسات العالمية في هذا المجال.

بدأت أعمال المؤتمر بكلمتين افتتاحيتين ألقاهما كلٌّ من الدكتور غسان الكحلوت، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، والأستاذ راشد محمد النعيمي، مدير إدارة التراخيص والدعم في هيئة تنظيم الأعمال الخيرية.

أكد الدكتور غسان الكحلوت في كلمته أن المؤتمر "يشكّل استمرارًا لمسارٍ من التعاون المتميّز بين المركز والهيئة، يقوم على تبادل الخبرات وتكامل الأدوار بين البحث الأكاديمي والممارسة الميدانية"، مشيرًا إلى أن "إدارة المعرفة ليست مجرد أداة تنظيمية، بل ركيزة أساسية لبناء سياسات أكثر استجابة وفاعلية في عالم تتعاظم فيه الأزمات والنزاعات، لتصبح المعرفة المشتركة أساس التنسيق والمساءلة والتخطيط المستنير الذي يضع الإنسان في قلب الفعل الإنساني".

وأضاف د. الكحلوت أن الشراكة مع هيئة تنظيم الأعمال الخيرية أصبحت نموذجًا يحتذى به في التكامل بين مؤسسات الدولة والمراكز البحثية، مشيدًا بدورها في دعم الجهود الأكاديمية وتطبيق المعرفة في الواقع الميداني الإنساني. كما أشار إلى أن المؤتمر يمثل خطوة جديدة نحو توسيع آفاق التعاون المستقبلي من خلال برامج تدريبية ومبادرات بحثية مشتركة تُعنى بمأسسة المعرفة في العمل الإنساني.

من جهته، أشار الأستاذ راشد محمد النعيمي في كلمته إلى "جهود الهيئة ومساعيها المستمرة لتحسين فعالية التدخلات الإنسانية والتنموية، خصوصًا في أوقات الأزمات. ورغم ما توفره الأدوات الرقمية والدروس المستفادة، فإن تطبيق إدارة المعرفة في المجال الإنساني ما يزال يحتاج إلى مزيد من الفهم، وتكييفه بما يتناسب مع السياقات المحلية والخصوصية الثقافية".

وأكد النعيمي أن الهيئة من خلال هذا المؤتمر تسعى إلى فتح حوارات بنّاءة وتصميم أنظمة مؤسسية لترسيخ إدارة المعرفة بوصفها رصيدًا استراتيجيًّا يدعم الابتكار والحوكمة والقيادة، مشيرًا إلى أن هذه الفعالية تأتي ضمن أهداف استراتيجية قطاع العمل الخيري والإنساني 2025–2030، الهادفة إلى تمكين المنظمات غير الهادفة للربح في قطر من أدوات التميز المؤسسي والابتكار.

بعد الجلسة الافتتاحية، انطلقت الجلسة الأولى بعنوان "إدارة المعرفة في السياقات الإنسانية: المفاهيم والمعايير الدولية"، أدارها الدكتور محمد السوسي، زميل أول في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، وشاركت فيها الدكتورة نوف خشمان، خبيرة دراسات إدارة المعلومات ومديرة مكتبة معهد الدوحة للدراسات العليا، والدكتور محمد عارف، نائب رئيس شركة المعرفة لحلول الاستدامة وخبير في إدارة المعرفة.

تناولت الجلسة الأولى مفهوم إدارة المعرفة كمنظومة متكاملة تجمع بين الأفراد والعمليات والتقنيات والمحتوى، مؤكدة دورها في تحويل المؤسسات الإنسانية من منظمات تعتمد على المعلومات إلى منظمات معرفية قادرة على التعلّم المستمر. واستعرض المشاركون تطبيقات المعايير الدولية، مثل(ISO 30401) ، في بناء أنظمة إدارة المعرفة في المؤسسات الإنسانية، ودورها في تعزيز الشفافية والموثوقية واستدامة المعرفة رغم تغيّر الأفراد والمشاريع.

في حين ناقشت الجلسة الثانية، التي كانت بعنوان: إدارة المعرفة الإنسانية في عصر الرقمنة: دروس من التجارب العالمية، والتي أدارتها البروفيسورة سناء عاشور من جامعة قطر، أثر التحول الرقمي على المعرفة الإنسانية، بمشاركة البروفيسور علام أحمد، الرئيس التنفيذي للجمعية العالمية للتنمية المستدامة(WASD) ، وعبد ربي بن صحراء، خبير التطوير المؤسسي في قطر الخيرية.

وقدّم المتحدثون نماذج من تجارب عالمية لمنظمات مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومنظمة الصحة العالمية(WHO) ، في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأنظمة الرقمية في تحسين سرعة الاستجابة الإنسانية ودقة توزيع المساعدات.

اختُتم اليوم الأول بنقاشات موسعة بين المشاركين والحضور، تمحورت حول سبل تفعيل إدارة المعرفة في مؤسسات العمل الإنساني العربية، والتحديات الثقافية والتنظيمية التي تواجه تطبيقها. وأجمع المشاركون على أهمية توطين الممارسات العالمية في السياقات المحلية، وتبني منهجيات واضحة للتعلّم المؤسسي وتوثيق الدروس المستفادة.

اتسمت أجواء اليوم الأول بالحيوية والتفاعل البنّاء، وأكّد الحضور أن المؤتمر يمثل منصة فكرية وعملية لتعزيز التكامل بين المعرفة والممارسة الميدانية، بما يسهم في تطوير أداء المؤسسات الإنسانية ورفع كفاءتها في مواجهة التحديات المستقبلية.