استضاف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS) – الدوحة، في 15 أيار/ مايو، محاضرة بعنوان "تحديات الانتقال في الصومال: المنظور التاريخي والانعكاسات المستقبلية"، ألقاها معالي الدكتور عبد الولي محمد علي غاس، رئيس وزراء الصومال سابقًا؛ وأدار خلالها محاور النقاش مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، الدكتور غسان الكحلوت.

استبق الدكتور محاضرته بإشارة إلى الانتخابات الجارية في العاصمة الصومالية مقديشو واصفًا إياها بالحدث المهم، ثم استهل محاضرته بتوضيح موقع الصومال الجغرافي، والأهمية الجيوسياسية التي يكتنفها، وما تتوفر عليه أراضيه من الثروات والموارد الطبيعية، كالنحاس والذهب والغاز والنفط الأحفوري وغيرها، عادًّا إياها نقمة ونعمة في آن معًا، ومشيرًا إلى أن الدول الفقيرة في العالم -والأفريقية منها خاصة- هي نفسها التي تمتلك مخزونًا وافرًا من هذه الموارد.

عقب ذلك قدم الدكتور علي غاس لمحة عامة عن السياسة الصومالية، ونمط الحياة الاجتماعي فيه، بعد التزاحم الأفريقي في أواخر القرن التاسع عشر حتى حصول الصومال على استقلاله في العام 1960 وتشكل جمهورية الصومال الأولى، وقد وصف تلك المرحلة حتى الانقلاب العسكري في العام 1969 بـ "سنوات الديمقراطية"؛ إذ تميزت بامتلاك المواطن الصومالي الحق في التعبير وممارسة الحريات المدنية، مشيرًا إلى خلو السجون آنذاك من معتقلي الرأي، ليتحول الحال عقب الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال محمد سياد بري، إذ حكم الصومال بقبضة من حديد، واستمر في الحكم إحدى وعشرين سنة حين سقطت حكومته على يد الجماعات العشائرية المعارضة، وهو ما أدى بالبلاد إلى الدخول في حرب أهلية مدمرة لمؤسسات الدولة والبنية التحتية العامة.

انتقل الدكتور علي غاس بعدها للحديث عن تفاصيل انتقال الصومال من مرحلة الحرب الأهلية إلى مرحلة السلام، التي تضمنت: نشوء أول حكومة انتقالية في العام 2000؛ وظهور اتحاد المحاكم الإسلامية وهزيمته الأخيرة على يد الحكومة الاتحادية الانتقالية في عام 2008؛ ومؤتمر المصالحة الوطنية الذي عُقد في جيبوتي عام 2009؛ والانتخابات الرئاسية الأولى

في عام 2012 وفشلها في إحداث تغيير فعّال؛ وأخيرًا الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدت انتخاب الزعيم الشعبوي محمد عبد الله فرماجي في عام 2017.

وتلت المحاضرة جلسة الأسئلة والأجوبة، وتضمنت الحديث عن محاور متنوعة تتعلق بمحور المحاضرة، فتطرق الدكتور علي غاس إلى الحديث عن التأثير الذي مارسته دول مجلس التعاون الخليجي في الانتخابات الجارية حاليًّا في العاصمة مقديشو أولًا، وسبل تعزيز الديمقراطية في الصومال ثانيًا، وبحث قضية أرض الصومال ثالثًا، وتحدث عن دور جامعة الدول العربية والدول الغربية في تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال، الذي أشار إلى العلاقة التي تجمعه مع دول الجوار، مؤكدًا ضرورة البحث عن قيادة خيرة للبلاد.

وختامًا، أكدت المحاضرة ضرورة خلق مؤسسات ديمقراطية قوية تساعد على تحقيق الاستقرار والتقدم الوطني، وشددت على ضرورة قيادة الشعب الصومالي للعملية الانتخابية دون الاعتماد على الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، وعلى ضرورة تبني منظور طويل الأمد لتحقيق المصالحة والتعافي والتنمية.

تأتي المحاضرة ضمن سياق التزام المركز بالمعايير الإنسانية وتعزيز الحوار والمشاركة الجماعية خلال مراحل الصراع وعمليات الانتقال.