استضاف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في الدوحة، يوم الخميس 11 كانون الثاني/ يناير، البروفيسور والطبيب مادس غيلبرت، وهو مستشار أول لقسم طب الطوارئ في المستشفى الجامعي لشمال النرويج وأستاذ طب الطوارئ في جامعة رومسو في النرويج، وناشط إنساني، وأحد الأطباء الذين عملوا في مستشفيات قطاع غزة خلال الحربَين السابقتَين عامَي 2008 و2014. وقدّم الدكتور غيلبرت محاضرة بعنوان: "غزة الآن: كارثة طبيّة هائلة وبطولة فلسطينية"، وصف فيها الأوضاع الكارثية التي سبّبتها إسرائيل للقطاع الصحي في غزة، والجهود الاستثنائية التي تبذلها الطواقم الطبية والمسعفة الفلسطينية في مواجهة الأعمال الإسرائيلية غير القانونية.

ألَّف الدكتور غيلبرت، عقب حرب عام 2008-2009، كتابًا بعنوان "عيون في غزة"، بالاشتراك مع الجراح النرويجي إريك فوس، وصدر عام 2010، وكتابًا آخر بعنوان "ليل غزة"، عام 2014، وصف فيه الفترة التي قضاها في مستشفى الشفاء في مدينة غزة.

ركّزت المحاضرة، التي أدارها الدكتور خليل عثمان، الباحث أوّل في المركز، على الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى القطاع الصحي والمستشفيات والبنية التحتية المدنية فيه. وقد حضر المحاضرة جمهور واسع، من بينهم باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، إضافةً إلى مشاركين عن بُعد، عبر منصات التواصل الاجتماعي.

استهلّ غيلبرت محاضرته بالإشارة إلى أن ما يجري اليوم في قطاع غزة يستدعي من كل إنسان حر في العالم أن يتضامن مع قطاع غزة من أجل وقف وإنهاء الحرب. وأشار إلى أن ما يرتكبه الاحتلال ضد غزة من أعمالٍ شنيعة يعد هجومًا على كل واحدٍ منّا وعلى الإنسانية جمعاء. وتطرق إلى تجربته في قطاع غزة خلال حربين شنتهما سابقًا إسرائيل على قطاع غزة، وشدد على أهمية التضامن مع الفلسطينيين في الوقت الحالي.

ثم ذكر أن قطاع غزة والضفة الغربية تقاومان منذ عقود واحدة من أكبر حالات الاحتلال وحشيةً في العالم، مؤكدًا أن غزة الآن تناضل من أجل حياتها. وتوقف عند ما تشهده غزة حاليًّا من كارثة طبية من صنع الإنسان، مشيدًا بالبطولة التي يبديها القطاع الطبي الفلسطيني في تعامله مع الأحداث في غزة، وذلك على الرغم من وحشية الاحتلال. وأضاف أن قطاع غزة يعاني منذ سنوات طويلة من الحصار والاحتلال والهيمنة الاستعمارية، لافتًا إلى أن غزة موجودة وتقاوم وتقاتل من أجل النور الآن، والمطلوب ليس إرسال المزيد من المساعدات الطبية أو الإنسانية، وإنما إنهاء الاحتلال على الأرض. وأكّد أن أعداد القتلى والمصابين بسبب الحرب تجعل من الصعب على أي منظومة صحية في العالم مهما كانت متقدمة أن تتحمل أعباءها.

وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يدقق حاليًّا في كل شيء يدخل قطاع غزة، ويمنع على وجه الخصوص دخول المواد الطبية والصحية اللازمة لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين. وسرد غيلبرت على الحضور قصة الطفل يامن الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، والذي كانت جروحه قابلة للشفاء، ولكن لأن الاحتلال يمنع دخول المواد الطبية فقد زادت حالته سوءًا، وأدت إصابته إلى وفاته في نهاية المطاف في اليوم الأول من عام 2024 رغم جهود الأطباء الفلسطينيين لإنقاذ حياته. ووفقًا للدكتور غيلبرت فإن الممارسات الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي، مثل منع المواد الطبية من دخول القطاع، والحصار، والتجويع، وقصف المدنيين، كلها تعد انتهاكات صارخة للقانون الدولي.