لقد شهد النظام العالمي خلال العقد الأخير وتيرة متسارعة وغير مسبوقة من التحولات، مما فرض على الوسطاء تحديات متزايدة ومعقدة. ازدادت هذه التحديات تعقيدًا بفعل تصاعد التوترات الجيوسياسية، واشتداد المنافسة على المعايير والقيم العالمية، بالإضافة إلى تفاقم مظاهر الانقسام والصراع. كما أسهمت الخلافات حول المبادئ الاقتصادية والتغير المناخي في إضعاف الأساليب التوافقية الرامية إلى تحقيق السلام وتعزيز المصالح العالمية المشتركة. وفي هذا السياق، شهدت الساحة الدولية تراجعًا ملحوظًا في عدد الاتفاقيات السلمية المبرمة، مما أثار تساؤلات جوهرية حول مستقبل تسوية النزاعات من خلال المفاوضات التقليدية، ومدى فاعلية نهج الوساطة التقليدية في مواجهة هذا الواقع المتغير.
يُنظَّم منتدى قطر للوساطة هذا العام بالشراكة مع منتدى الدوحة، وسيُعقد في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2024، في فندق شيراتون جراند – قاعة الريان، الدوحة، قطر.
الأهداف:
أسس مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني (CHS) منتدى قطر للوساطة استجابةً لهذه التحديات المتزايدة، بهدف تعزيز جهود الوساطة على المستوى العالمي. ويهدف المنتدى إلى:
توفير بيئة هادئة ومؤاتية تتيح للوسطاء البارزين، والدبلوماسيين، وصناع السياسات، والأكاديميين فرصة لاستكشاف التحديات التي تواجه الوسطاء في الوقت الراهن، وتبادل وجهات النظر، ومعالجة القضايا الحساسة، والعمل على تطوير أساليب عملية تسهم في تعزيز جهود الوساطة ضمن نظام عالمي متغير.
المساهمة في تطوير استراتيجية قطر لدعم الوساطة، بهدف تعزيز القدرات في مجالات الوساطة في النزاعات والدبلوماسية الإنسانية ضمن العالم العربي والإسلامي. وتشمل هذه الجهود تدريب وإعداد جيل جديد من الوسطاء، وزيادة المشاركة المباشرة للنساء، وابتكار أدوات وأساليب جديدة لتحسين نطاق وفعالية جهود الوساطة.
ومن خلال منتدى قطر للوساطة يعزز مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني دوره الريادي في صياغة نُهج مبتكرة ومستدامة لحل النزاعات والدبلوماسية الإنسانية، بما يتماشى مع الاحتياجات الملحة في ظل تعقيدات المشهد العالمي المتزايدة. وستتناول الجلسة الافتتاحية لهذا العام مجموعة من القضايا الملحة، من بينها:
يشهد العالم اليوم مجموعة من النزاعات المسلحة تفوق في عددها أي فترة سابقة منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقًا لتقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، يوجد حاليًا أكثر من 120 نزاعًا مسلحًا مستمرًا، تشارك فيه ما لا يقل عن 60 دولة و120 جماعة مسلحة غير حكومية. وتتركز غالبية هذه النزاعات داخل حدود الدول ذاتها، لا فيما بينها. وقد تضاعف عدد النزاعات غير الدولية ثلاث مرات على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية. وتتميز العديد من هذه النزاعات بتعدد الأطراف المتصارعة التي تؤسس تحالفات وتستفيد من مستويات متفاوتة من الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من جهات خارجية، ومن ضمن ذلك دول أخرى.
شهد مجال الوساطة في النزاعات تطورًا نوعيًّا مع بروز مجموعة متزايدة من الوسطاء الجدد، لا سيما على المستوى الإقليمي، حيث انخرطت قوى متوسطة من الخليج وآسيا وأفريقيا في مبادرات تهدف إلى إدارة النزاعات وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، فإن هذا التوسع يصاحبه عدد من التحديات، أبرزها تحقيق التعاون الفعّال بين الوسطاء المتعددين، وإدارة تضارب المصالح، وتسوية الخلافات المتعلقة بالأطر والمبادئ المعيارية، فضلاً عن ضمان استدامة الجهود لدعم تنفيذ الاتفاقيات.
تشهد الوساطة تطورًا مستمرًّا من خلال تبني تقنيات رقمية حديثة، تشتمل على استخدام البيانات الضخمة، وأنظمة المعلومات الجغرافية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه التقنيات إلى تعزيز عمليات التحليل وتبادل المعلومات، وتحقيق تواصل أكثر تكرارًا وفعالية مع أطراف الوساطة، بالإضافة إلى تعزيز الشمولية وتوسيع نطاق الوصول. ومع ذلك، يواجه الوسطاء تحديات جوهرية، من أبرزها السلوك الرقمي الضار المصمم لتأجيج التوترات وتعميق الانقسامات، إلى جانب ظهور أشكال جديدة من حروب المعلومات التي أصبحت تُخاض بشكل متزايد في المجال الرقمي.
رغم مرور ما يقارب ربع قرن على اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، لا تزال النساء الوسيطات يواجهن عقبات كبيرة. وعلى الرغم من الدور البارز الذي تؤديه النساء في قيادة جهود الوساطة داخل مجتمعاتهن، فإنهن ما زلن يواجهن التهميش في مفاوضات عمليات السلام، مع محدودية شديدة في التمثيل في المناصب القيادية للوساطة والمفاوضات. وتشير الإحصائيات إلى أن النساء يشكلن فقط 13 في المئة من المفاوضين، و6 في المئة من الوسطاء، في عمليات السلام الكبرى.
- الدبلوماسية الإنسانية – المصالح أم القيم؟
يواجه الوسطاء الإنسانيون تحديات متزايدة نتيجة التصاعد الحاد في التوترات الجيوسياسية خلال السنوات الأخيرة، وتدويل النزاعات الأهلية، وتراجع فعالية المؤسسات الدولية بسبب التطبيق غير المتسق للمعايير والقواعد الدولية. وقد أسهم التآكل المستمر لسيادة القانون الدولي، إلى جانب التداخل التدريجي للمساعدات الإنسانية مع الأجندات السياسية والأمنية للدول، في تقويض الالتزام بمبادئ الحياد والاستقلالية. هذا الواقع فاقم التحديات التي يواجهها الوسطاء في جهودهم لتسهيل الوصول إلى المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات الإنسانية الحيوية، وتخفيف معاناة المتضررين من النزاعات.
ملاحظة هامة:
حضور منتدى قطر للوساطة يكون عن طريق الدعوة فقط
تفتح أبواب التسجيل للحضور والمشاركين تمام الساعة 8:00