استضاف مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في الدوحة يوم أمس الأحد 31 تموز/يوليو السيد خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء بالحكومة الانتقالية السابقة والقيادي بالحرية والتغيير وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني، وذلك في محاضرة بعنوان: "تحديات وفرص الانتقال الديمقراطي في السودان"، وقد أدار المحاضرة والنقاش الدكتور غسان الكحلوت، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني.

استهل السيد خالد عمر يوسف محاضرته بالإشارة إلى تجاوز السودان المنعطف الحرج، ومع ذلك، ما تزال تمر بعقبات عديدة تعرقل من تحولها نحو الديمقراطية، ثم بعد ذلك انتقل للحديث عن الفرص الحقيقية لاستعادة المسار الديمقراطي في السودان بصورة أفضل مما سبق مستفيدين من التجارب الناجحة حول العالم. وتطرق إلى أن التحول الديمقراطي في العالم يمر بتراجع، فهذه ليست أفضل الأوقات في العالم التي مرت فيها موجات الانتقال الديمقراطي وذلك حسب مؤشر الديمقراطية العالمي لعام 2021 الذي تحدث عن التراجع في انتشار الديمقراطية ككل، وأن حوالي 45% فقط من سكان العالم هم من يعيشون في ظل حكم أنظمة يمكن أن تسمى ديمقراطية.

 وأشار إلى أنه يمكن أن يكون في بلدان يحكمها نظام ديمقراطي مثل فرنسا، مؤشرات مقلقة حول مستقبل الديمقراطية، فهناك 80% من الفرنسيين أعربوا عن عدم ثقتهم بالأحزاب، وفي واحد من استطلاعات الرأي كان هناك 25% من الفرنسيين لا يوجد لديهم مانع من استلام الجيش للسلطة. يمكن أن تكون هذه النتائج ناتجة عن اليأس من السياسة الحزبية العادية، لأنه في النهاية الديمقراطية ليست غاية وإنما هي وسيلة لتحسين حياة الناس.

عقب ذلك، قدم السيد خالد عمر يوسف لمحة عن المشهد السوداني، وأشار إلى تنوع المجتمع السوداني، وهو ما يجعل التوافق في مشروع السودان أمر معقد، والدليل أنه انقسم لدولتين ومن الممكن أن ينقسم أكثر. وأوضح أنه لا يوجد بديل للتحول الديمقراطي غير التحول الديمقراطي نفسه، فلا يمكن حكم السودان بحزب واحد أو بثقافة واحدة. ويرى أن التحول الديمقراطي في السودان ضرورة لإنهاء الصراع فيها. وعلى الصعيد الآخر، أشار إلى أن السودانيين لم يتراجعوا لحظة عن سعيهم الدؤوب لتحقيق الديمقراطية.

لم تتوقف الحركة الديمقراطية منذ الإزاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير عن محاولات استعادة النظام الديمقراطي في السودان، وأشار إلى أن الحراك الذي انطلق في السودان يوم 19 ديسمبر/كانون الأول من عام 2018 أوما ما يسمى بحراك ديسمبر أدى إلى توسع الحركة الشعبية المطالبة باستعادة الديمقراطية في السودان.  وركز على أن هذا الحراك قد أدى إلى تغيير الأوضاع السياسية بشكل رئيسي، ومن هذه التغييرات أنه على الرغم مما مرّ به السودان من العديد من الانقلابات التي جعلت من فكرة الحكم العسكري ليست غريبة، إلا أن الواقع الحالي مختلف وأصبحت فكرة الحكم العسكري غير واردة. رسّخ حراك ديسمبر قناعة لدى المدنيين أنه لا يمكن التعايش في ظل حكم العسكر، وبيّن أن العسكر لا يمكن أن يحكم السودان الآن بشكل منفرد.

انتقل السيد خالد عمر يوسف بعدها للحديث عن تفاصيل حراك ديسمبر وتوجهات الأحزاب والقوى السياسية الفعالة فيه، وتحدث عن سيطرة العسكر على الحكم بعد التوصل إلى اتفاق الوثيقة الدستورية عام 2019 والأخطاء التي ارتكبها كل من المكونين العسكري والمدني في هذه التجربة.

تلت المحاضرة جلسة الأسئلة والأجوبة، وتضمنت الحديث عن محاور متنوعة تتعلق بمحور المحاضرة، وتطرق السيد خالد عمر يوسف إلى ضرورة توسيع قاعدة الحوار بين الكل السوداني، كما أشار إلى عجز الحكومة عن القيام بمهامها بشكل جيد. وأوضح إلى أن اتفاقيات السلام التي وقعت في السودان قد جرت في ظل أنظمة شمولية، ولم يتم الالتزام بها، ووفقًا لرأيه لا يمكن الالتزام بهذه الاتفاقات دون وجود حكومة ديمقراطية.

وختامًا، أكّدت المحاضرة على أنه التحول الديمقراطي الناجح يحتاج إلى استيعاب التنوعات الفكرية والتوجهات السياسية داخل السودان، فأي تحول نحو الديمقراطية لا يمكن تحديده باتجاه واحد فقط.

تأتي المحاضرة انسجامًا مع التزام المركز بالمعايير الإنسانية وتعزيز الحوار والمشاركة الجماعية وبناء السلام خلال مراحل الصراع وعمليات الانتقال.

عُقِدت المحاضرة وجاهيًّا في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بالمبنى الثقافي. وبُثَّت مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمركز، وأرفقت معها الترجمة إلى اللغة الإنجليزية.