يعتبر السعي لتحقيق السلام والحد من نشوب النزاعات واحد من أهم الأولويات التي تناقش في السياقات الأكاديمية والسياسية على حد سواء؛ ذلك أن التعامل مع تداعيات الحروب وما تخلفه من خسائر بشرية وأضرار مادية ومحاولة تعويضها ليس كافيا، بل ربما لم يعد ممكنًا. ولكن ملامح وآليات العمليات الانتقالية من الحرب إلى السلام تختلف من منطقة إلى أخرى، وتستدعي دراسة معمقة للظروف والمعطيات الخاصة بكل نزاع. وللوقوف على هذا الموضوع، فقد نظم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، الثلاثاء 13 كانون الأول/ ديسمبر 2018، ندوة نقاشية حول "الانتقال من الحرب إلى السلام"، استضاف فيها السيد أخيم شتاينر، المدير العام والرئيس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
شغل السيد أخيم شتاينر منصب المدير العام والرئيس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنصب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بين عامي 2006 و2016، وعمل قبلها مديرًا لمدرسة أكسفورد مارتن، وتولى كذلك منصب المدير العام للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، والأمين العام للَّجنة العالمية للسدود، إضافة إلى خبرته الطويلة في مواضيع مثل التنمية والمياه والمناخ.
في كلمته، سلط السيد شتاينر الضوء على التحديات الحرجة التي تواجهها الفترات الانتقالية من الحرب إلى السلام، وأهمية فهم أبعاد النزاعات وأسبابها وجذورها، وارتباطها بعمليات التسوية السلمية.
وفي محور الحديث عن التحديات أشار السيد شتاينر إلى أن هناك كثيرًا من المشاكل السياسية التي لم يكن التعامل معها ناجحًا فتحولت إلى صراع وأزمة ومن ثم إلى نزاع مسلح، فضلًا عن فشل التدخلات الخارجية، التي كانت تُعدُّ تدخلات إنسانية على مدار العقود الماضية، في تحقيق الاستقرار وإنهاء الحروب.
وفي معرض حديثه أكد شتاينر وجوب التخلص من النمط القديم في التفكير، والعمل على تأهيل المؤسسات والمباني المنهارة، إضافة إلى الاستثمار في التنمية بما يخدم عميلة الانتقال من الحرب إلى السلم حتى تحقيق التعافي المطلوب.
ودار في نهاية الندوة نقاش معمق حول ضرورة أن تتسم المرحلة الانتقالية من الحرب إلى السلم ببُعد النظر، فلا بد- وفقاً للسيد شتاينر- من فهم أن معظم النزاعات لها جذور وأسباب، وهذه الأسباب مرتبطة بفشل مشاريع التنمية وتوجهاتها، فضلًا عن البعد الاقتصادي؛ من ناحية اهتمام الناس بالأعمال التنموية وإصرارهم عليها.