تعد قضية مصادر المياه وشحها من أعقد القضايا في العالم العربي وأخطرها؛ إذ على الرغم من المساحة الواسعة التي تمتد عليها رقعة العالم العربي، والتي تتجاوز 9 في المئة من اليابسة، فإن 80 في المئة منها صحراء، هذا فضلًا عما يحيط بهذه الثروة المائية ذاتها من تهديدات عديدة كالهدر والتغير المناخي، وهو ما قد يفضي إلى نزاعات وحروب، ومن ثم فلا بد من البحث عن الحلول والخيارات المتاحة التي يمكن من خلالها تجنب تلك الأخطار.

ونظرًا إلى أهمية هذا الموضوع فقد عقد مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، الأحد 17 مارس/آذار 2019، ندوة نقاشية حول: موارد المياه والنزاعات والهشاشة في العالم العربي، استضاف فيها الدكتور حسين عامري، رئيس قسم العلوم الإنسانية والآداب في كلية كولورادو لعلوم المناجم، ومحمد السعيدي، مساعد باحث في جامعة قطر، والدكتور لورنت لامبرت من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية. وتأتي هذه الندوة من ضمن سلسلة ندوات دورية ينظمها المركز مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) -مكتب الدوحة.

خلال الندوة قدّم حسين العامري لمحة عامة عن القضايا التي تؤرق المنطقة العربية، مركزًا على قضية الأمن المائي، وشح مصادر المياه، والتغيرات المناخية، وأوضح- في حديثه عن الأمن المائي- أن الإنسان العربي يحتاج إلى كميات أكبر من المياه مقارنة بالماضي؛ وذلك لما يشهده عالم اليوم من تغيرات وتطورات، مشيرًا إلى أن أزمة المياه قد تؤدي إلى نشوب الحروب والنزاعات، وهو ما يستوجب الاهتمام بها، والتعامل معها بجدية.

وأضاف العامري، المتخصص في قضايا النزاعات، أن التغيرات المناخية، والاستخدام المفرط للمياه، إضافة إلى تلوثها، والتنافس الجيوسياسي حول مصادرها من الممكن أن تؤدي في المحصلة النهائية إلى التوتر والنزاع. وعدّد أربعة عناصر أساسية للأمن المائي تتمثل في العنصر البيئي، والاقتصادي، والإنساني، والتقني، موضحًا أن هذه العناصر تؤثر بصورة ما في مصادر المياه.

وعقّب الباحث محمد السعيدي بالقول: "إن مسألة المياه في العالم العربي تتميز بالتعقيد الشديد؛ بسبب شح مصادر المياه، وزيادة نسبة السكان، فضلًا عن الاعتماد الكبير على الموارد المائية، ووجود قطاعات عريضة من السكان تعيش على فلاحة الأرض". وأضاف السعيدي أن قضية المياه ليست أولوية في إطار السياسات المتبعة في المنطقة العربية، وهذا ما يفرض مزيدًا من التعقيد.

في حين ركز لورنت لامبرت على التغير المناخي، بوصفه العنصر الأساسي في قضية شح المياه. وطرح لامبرت عدة خيارات للمساعدة في حل هذه المشكلة، موضحًا أن تحلية المياه، رغم تكلفتها الباهظة، تعد الخيار الأفضل لتجنب الدخول في نزاعات.

هذا، وشهد ختام الندوة فقرة للنقاش والتفاعل مع الحضور، الذين شملت أسئلتهم عدة مواضيع، من بينها أثر التغير المناخي في مصادر المياه، والعلاقة بين ندرة مصادر المياه والنزاعات في المنطقة، إضافة إلى الاستفسار عن آفاق البحث عن حلول لأزمة شح المياه والجهود المبذولة في هذا الإطار وغيرها.