يعتبر ما حدث في 15 أغسطس 2021 بأفغانستان وما تلاه من صور تم بثها في كابول بأفغانستان أمرا مثيرا للقلق، حيث أصبحت أفغانستان محاطة بسلسلة من الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية التي تهدد حياة الملايين وتنشر مخاوف النزاع من جديد. فقد عقد الأمين العام للأمم المتحدة اجتماعاً وزارياً في 13 سبتمبر / أيلول بشأن الوضع الإنساني في أفغانستان، وذلك لتنظيم طرق تمويل ومساعدات في ضوء المخاطر الجسيمة التي تواجه المساعدة الإنسانية المحايدة وحماية مكاسب التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات.

لكن الأمر المثير للجدل هو أن الأزمة التي حدثت في الخامس عشر من آب (أغسطس) كانت حتمية ومتوقعة، فقبل سقوط كابل، أجرى الطرفان (الحكومة وطالبان) مفاوضات مدروسة بعناية قبل أسابيع، وذلك من أجل إنهاء تدريجي للنزاع والحفاظ على الاستقرار وسلامة المواطنين. حيث صاغت الحكومة وطالبان والولايات المتحدة اتفاقية تتضمن فترة انتقالية مدتها أسبوعين مع وقف إطلاق النار، وقامت الولايات المتحدة بالتعاون مع قوات الناتو بإخلاء المطار.

انقلب الخطة رأساً على عقب بعدما فر الرئيس الأسبق أشرف غني من البلاد، مما أدى إلى الانهيار التام للنظام الأمني في كابول. في حين أن هروب الرئيس السابق كان الإجراء الأكثر حسماً في المرحلة الانتقالية بعد النزاع، من المهم أيضا موازنة ذلك مع رؤية الجهود المبذولة لمجموعة أوسع وشاملة من كلا الطرفين في أفغانستان للتفاوض على نقل سلمي ومنظم للسلطة.

من جهة أخرى، ماذا كان سيحدث لو لم يقم الرئيس السابق بالفرار؟ فمن المهم أن نأخذ ذلك في عين الاعتبار لأنه يصور ما كان متوقعًا ومخططًا له من قبل الجهات الأفغانية والولايات المتحدة، علاوة على ذلك، يضع هذا السياق التحديات المحددة التي تواجه طالبان، والتي تعتبر الآن المسؤول الأول عن إدارة الأزمات في البلاد. لذلك، يجب أن تكون التوصيات الموجهة إلى حكومة طالبان الجديدة لمرحلة ما بعد النزاع مصممة خصيصًا لتحديات السياق الذي دخلت فيه السلطة بالإضافة إلى أوجه القصور التنظيمية المعروفة لحركة طالبان.

لهذا السبب، تقدم احاطة السياسة توصيات ذات ترتيب زمني للعملية الانتقالية لطالبان والمجتمع الدولي، وذلك من أجل استعادة الاستقرار في أفغانستان دون وقوع كارثة إنسانية، تعتبر هذه الإحاطة أيضا نتيجة لمناقشة مشتركة نُظمت في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني يوم 7 سبتمبر 2021، بالإضافة الى توصيات أخرى تعكس آراء مشتركة من أعضاء حكومة سابقين وحركة طالبان وأيضا المجتمع المدني.